أدوات الرأسمالية في قفص الاتهام
في خضم التهم الموجهة إليها عبر الأطلسي بالتضليل وخداع المستثمرين قالت مجموعة غولدمان ساكس الأمريكية المصرفية العملاقة إن أرباحها تضاعفت تقريباً خلال الربع الأول من عام 2010، بواقع 3.46 مليارات دولار من أصل إيرادات بلغت 12.8 مليار دولار، وبزيادة هائلة بلغت 91% مقابل الفترة نفسها من العام الماضي..!
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه سلطات الرقابة المالية البريطانية اعتزامها بدء تحقيق رسمي في الاتهامات التي وجهتها السلطات الأمريكية ممثلة بهيئة سوق المال الأميركية إلى المجموعة الأمريكية بالاحتيال والإضرار بمصالح المستثمرين قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008، في أول تحرك من نوعه تقوم به الحكومة الأمريكية ضد البنوك والمؤسسات المالية على خلفية انهيار القطاع العقاري عام 2008.
وقالت الهيئة إن المجموعة تواطأت مع صندوق التحوط «بولسن أند كو» لتحقيق أرباح من سوق القروض العقارية عالية المخاطر، وهي سوق مصرفية تقدم قروضاً بأسعار فائدة سريعة النمو للعملاء الذين لا يتمتعون بوضع ائتماني جيد.
وذكرت أن غولدمان ساكس ضارب على أوراقه المالية المضمونة بقروض عقارية عالية المخاطر كانت تشكل الجزء الأكبر من السوق العقارية الأمريكية وأدى انهيارها إلى دفع النظام المالي الأمريكي كله إلى حافة الانهيار وإلى خسارة المستثمرين بالبنك لأكثر من مليار دولار.
وربما كان إعلان المجموعة عن أرباحها محاولة للالتفاف على أنباء الخسائر في بورصات النظام الرأسمالي، في وول ستريت وغيرها، حيث أدت أنباء الدعوى القضائية إلى هبوط شديد في أسواق المال الأمريكية والدولية في الأسبوع الماضي، فقد خسر مؤشر داو جونز 1.13% كما خسر مؤشر ستاندرد آند بورز1.61% وخسر مؤشر فايننشال تايمز ببريطانيا 2.51%، في حين قالت صحيفة «فايننشال تايمز» إن الأنباء أدت إلى خسارة في القيمة السوقية لأسهم «غولدمان ساكس» وصلت إلى أكثر من 12 مليار دولار، موضحة أن هذه الأنباء ألقت بظلالها على مستقبل البنك «كنموذج في المجال الاستثماري» كما هزت مصارف أخرى.
أما صحيفة واشنطن بوست فقد أوضحت أن غولدمان ساكس التي وصفت من قبل بأنها «الحبار الكبير مصاص الدماء الذي يلف وجه الإنسانية» اُتهمت ببيع سندات للمستثمرين كانت منتقاة ومقدر لها الانهيار، دون إبلاغ المستثمرين، في احتيال موصوف بحد ذاته، موضحة أن صناديق المعاشات والمؤسسات الأجنبية ومستثمرين من القطاع الخاص كانوا أول الخاسرين.
وأضافت أن «وول ستريت» لعبت دورها في دفع سوق العقارات إلى الطفرة ثم تحقيق الأرباح من انهياره، وكذلك كان صندوق بولسون آند كو الذي راهن على انفجار فقاعة العقارات واستطاع تحقيق أرباح بلغت مليار دولار من خلال استثمارات أدارها غولدمان ساكس، في حين خسر النظام الرأسمالي من جراء هذه الفقاعة تريليونات الدولارات.