المهرجان يضع اللبنة الحقيقية لتوحيد الشيوعيين السوريين
وارتجل الرفيق د. خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني كلمة هامة قال فيها:
إن في هذا اللقاء معنى انتظرناه معاً لبعض الوقت، ولكن حتى في انتظارنا كنا متمسكين واثقين بأن عصر الصمود والمقاومة في مواجهة الهمجية الرأسمالية الإمبريالية لن يطول، وأن هجومنا، هجوم قوى التقدم واليسار في العالم، هو على موعد قريب.
حاولوا القول بأن هذا الفكر، فكر الثورة والتغيير في العالم، الفكر الاشتراكي، قد انتهى وذبل وشاخ، وإذ بهم يتفاجؤون، ومن تفاجأ أكثر من ذهب بعيداً عن هذا الفكر التحرري للمراهنة على مبادئ الرأسمالية في الاقتصاد والسياسة والفكر. هؤلاء تفاجؤوا أكثر عندما رأوا أن ما راهنوا عليه من أفكار وسياسات لن تحل مشاكل البشرية، ولن تخلق العدالة الاجتماعية لصالح الشعوب الكادحة في أنحاء المعمورة، بل وأيقنوا أنها اليوم، كما كانت في الأمس، بل منذ نشوئها، مازالت الخطر الأول على مصير البشرية والكون.
ولذلك كان لابد لثقتنا أن تتعاظم بأن فكرنا الاشتراكي لابد أن يستعيد وجهه، وأن يترك خطين: خط الانحراف وخط المراهنة عليه والتبعية له.. وخط التقوقع.
لابد لهذا الفكر أن يتوهج أكثر، وأن يطرح نفسه اليوم، كما الأمس، رغم كل الثغرات السابقة، إنه الحل من أجل السلم العادل في العالم ومن أجل العدالة لكل البشر.
نعم لا بديل عن الاشتراكية، فالرأسمال والاستثمار لم ينتج إلا الجوع والحرب والقتل والتمييز بين العالم وشعوبه لمصلحة حفنة قليلة من الرأسماليين المتعصبين في هذا الكون، الساعين لافتعال الحروب للسيطرة على ما تبقى من الخيرات من أفغانستان إلى فلسطين إلى العراق. ولعل تجربة دبي في العالم العربي أكبر دليل على أزمتهم.
إننا في العالم العربي اليوم مدعوون أكثر إلى ترك بعض الشعارات المبتذلة بالتصارح والتآخي، ونصوغ برنامجاً تقدمياً عربياً يركز على التحرير أولاً، وعلى التغيير الديمقراطي، وعلى استعادة الثروة العربية من أجل التنمية والعدالة بين الشعوب العربية.
إن هذه الشعارات هي التي تأسس عليها الحزبان الشيوعيان التوءمان السوري واللبناني في مواجهة الخطر الصهيوني القادم منذ بداية العشرينيات. كان الحزبان المبادرين إلى القول بأن الصهيونية ستكون رأس حربة الإمبريالية للسيطرة على بلداننا، ولحماية إجراءات التقسيم والتفكيك في العالم العربي.
ولم تكن مواكبة وعد بلفور لاتفاقية سايكس بيكو ولاكتشاف النفط، إلا دليلاً على ترابط جوانب هذه القضية بأبعادها الثلاثة. لقد وعى الشيوعيون السوريون واللبنانيون والعرب أهمية هذه الشعارات منذ البداية، ولنقل اليوم: لقد جاء الوقت ليصحح الشيوعيون خطأً تاريخياً تمادى الكثيرون وتمادوا معه هم أيضاً في القبول به. كلا كان اليسار العربي والشيوعيون العرب في مقدمة من رفض سايكس بيكو ورفض التقسيم، وفي مقدمة من واجه إسرائيل في فلسطين ولبنان، وفي مقدمة من حمل هم الوحدة على أساس صحيح.
لنقل اليوم للجميع: لم ولن نشعر يوماً بعقدة الذنب.. إن من أطلق الرصاصات الأولى في فلسطين وفي العراق وفي سورية وفي «جمول» جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية هم الشيوعيون واليسار.
نعم، أنتم مدعوون إلى تصحيح هذا التاريخ، وتلك الإشاعات التي تعززت أحياناً في عقول أبنائنا وفي تاريخنا.
أيتها الرفيقات والرفاق.. لنختصر قليلاً ونقول: إن هذا المهرجان والاحتفال بطبيعته، يضع اللبنة الحقيقية لتوحيد الشيوعيين السوريين، وحدة قائمة على التنوع وروح النقد، وعلى الصياغة المشتركة والتطبيق المشترك، وحدة أرادها الرفاق في قيادتكم.. وحدة مقوية لوحدة القوى الوطنية السورية، وحدة ليست فئوية، فالشيوعيون السوريون ومعهم اليسار السوري الموحد، قوة للجبهة الوطنية التقدمية وللصمود الوطني في سورية. إننا نريد لهذا التنسيق أن يستمر، ولهذه الوحدة أن تكتمل، ونتمنى ذلك في سورية وفي لبنان وفلسطين وفي غيرها، فإذا كان التفتيت والإحباط سمة مرحلة الانهيارات الكبرى سابقاً، فإن إعادة التوحيد وإعادة التنسيق والنهج الهجومي، هي السمة التي يجب أن تطبع مسار السنوات القادمة.
كل عام وأنتم بخير، كل عام والشعب السوري بألف خير، كل عام وأمتنا العربية بألف خير.