سليم راجح سليم راجح

ملاحظات حول النقاش

ما حسم قراري بالكتابة هو ما كتبه الرفيق مهند دليقان في العدد /459/ من رد على الرفيق ماهر حجار.

1- علاقات الإنتاج الرأسمالية لا تخلق نسقاً مختلفاً عنها يُسمى العامل الذاتي، بل يوجد نسق واحد اسمه علاقات الإنتاج الرأسمالية، التناقض الأساسي في هذا النسق هو التناقض بين العمل ورأس المال. من مستلزماته أن يقوم العمل بخلق أدواته الخاصة في صراعه التناحري مع رأس المال وفي مقدمة هذه الأدوات هو خلق الحزب الشيوعي القادر على القيام بدوره الثوري التاريخي بتحطيم علاقات الإنتاج الرأسمالية وبناء الاشتراكية. وأظن أن الرفيق ماهر حجار عندما تحدث عن «حزب مختلف البنية والأداء» وعن «مفهوم جديد للحزب وضمن إحداثيات أخرى»، فإنه كان يعني تماماً ذلك الحزب القادر على التحكم بالعمليات الاجتماعية مستنداً إلى قوانين الحركة الاجتماعية ومستمداً قوته منها، بما يفضي حتماً إلى نسف علاقات الإنتاج الرأسمالية من جذورها وبناء المجتمع الاشتراكي. وهذا التوافق بين دور الحزب الشيوعي في التحكم بالعمليات الاجتماعية وبين كونه جزءاً من قوانين الحركة الاجتماعية وبين قوانين الحركة الاجتماعية ذاتها لا يؤدي إلى الجبرية، بل إلى الحتمية التاريخية التي لا يجادل ماركسي حقيقي فيها.

2- لا أدري كيف اكتشف الرفيق مهند أن الرفيق ماهر حجار يقوم بتعويم العامل الذاتي وإخراجه من يد الشيوعيين؟!! بينما كان الواضح من مقال الرفيق ماهر رغم التكثيف الشديد دعوته للبحث عن «حزب مختلف البنية والأداء» وعن «مفهوم جديد للحزب وضمن إحداثيات أخرى» بما يكفل أن يقوم هذا الحزب بدوره الثوري التاريخي في اللحظة الحالية المفصلية من تاريخ البشرية، فيرتقي هذا الحزب بعمله بما يؤهله للتحكم في العمليات الاجتماعية. وعلى حد تعبير الجاحظ: فإن هذا الكلام عميق نافع لا يعرف فضله إلا الراسخون في هذه الصناعة.

3- النقد والبضاعة: عندما يعالج الرفيق مهند فكرة النقد والبضاعة. وهو يحسم القضية باطمئنان يقيني عندما يكتب «لكن ماركس ما انفك يؤكد في الفصل الأول من كتابه رأس المال على أن النقد ما كان ليكون معادلاً للبضائع لولا أنه بالأصل بضاعة». بالتأكيد إننا هنا لن نلوم الرفيق ماهر حجار تماماً كما أننا لن نلوم كارل ماركس لأن الرفيق مهند قرأ الفصل الأول وتوقف عنده. فلو أن الرفيق مهند قرأ الفصل الثاني قراءة سريعة وتمهل في الفصل الثالث (النقد أو تداول البضائع) وخاصة في السطر الأول منه ص138  لعلم أن ماركس استعمل الذهب كنقد لتبسيط نظرية القيمة لديه، ولو درس وسيلة التداول وخاصة الفقرة ج- العملة رمز القيمة ص181 واستمر حتى الصفحة 211. لتكون لديه مفهوم صحيح عن النقد. ولن أغوص في شرح نظرية ماركس في هذا المقام الضيق، بل المهم أن نرى ماذا جرى في اتفاقية بريتون وودز 1944 حيث أصبح الذهب والدولار/أي النقد الورقي/ كمعادل لجميع العملات المحلية، ثم الأخطر ما جرى عام 1972 حين ألغى الأمريكان اتفاقية بريتون وودز، فأصبح الدولار الورقي معادلاً للعملات المحلية وأخذت آلات الطبع الأمريكية تطبع الدولار دون حسيب أو رقيب لتصبح الكتلة النقدية الدولارية عشية انفجار الأزمة المالية العالمية أكبر بـ 35 مرة من الكتلة السلعية البضاعية. وأظن هذا ما عناه الرفيق ماهر حجار بفيض إنتاج النقد. ولا أظن أحداً سيعتبر النقد بضاعة إذا كانت تكلفة ورقة المائة دولار هي 4 سنت، أي أن كل سنت يربح 2500 ضعف من قيمته بضائع. فإذا أضفنا إلى اللوحة المشتقات المالية (سندات..... شيكات..... ائتمانات.....) ثم نقول إن الماركسية تعتبر النقد بضاعة فإننا لن نقدم إلى القراء سوى شهادة فقر حال بالمستوى المعرفي الماركسي ولن نضير الماركسية شيئاً.

4-لئن كنتُ أعتب على الرفيق ماهر بشيء في مقاله، فإنني أعتب عليه بأنه لم يشر إلى افتقار الموضوعات إلى أية رؤيا جدية للقضية الفلسطينية، فالموضوعات عندما تتطرق للقضية الفلسطينية تولي كل الاعتبار للشرعية الدولية ولحدود سايكس - بيكو ويكون هم الشيوعيين السوريين هو تحرير الجولان باعتبارها أراضي سورية حسب سايكس – بيكو بينما تتحدث في مكان آخر عن شعوب الشرق العظيم وتدعو لاتحاد إقليمي لما بين قزوين والمتوسط !!!!.

وأخيراً، كل التقدير للرفيق مهند رغم الخلاف  معه، فللمجتهد إن أصاب أجران أجر الإصابة وأجر الاجتهاد، ولئن لم يحالفه التوفيق في الإصابة فقد حاز على أجر الاجتهاد.