بانتظار ولادة سورية الجديدة
في ظروف استمرار وطأة الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلاد ويستفيد منها المتشددون في المعارضة والنظام على حدٍ سواء، يعاني الشعب السوري منها الأمرين من نواحي حياته الاجتماعية جميعها، وأخصها بالذكر الناحية المعيشية البالغة الصعوبة بسبب الغلاء الفاحش الذي أدى بأغلبية المواطنين إلى حافة الفقر والعوز والفاقة، والجوع، من أجل تأمين أبسط ضروريات الحياة، لتقيهم من البرد والجوع والمرض، هذه الظواهر التي ساعدت على انتشار واسع للجريمة والسرقة وتجارة المخدرات والدعارة.
بالإضافة إلى ذلك يأتي دور السياسة النقدية، فحاكم مصرف سورية المركزي في تساهله مع مصالح كبار الرأسماليين الطفيليين، الذي نتج عنه انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار، حتى وصلت إلى 13 ضعف مما كانت عليه عند بدء الأزمة من 50 ليرة سورية إلى أكثر من 600 ليرة سورية.
إن هذا الواقع المرير الذي يعانيه الشعب، يجري تحت سمع وبصر المسؤولين الذين يتركون الحبل على الغارب لكبار الرأسماليين الذين باتوا يتحكمون بالميادين كلها، وخاصة في الأسواق ليزدادوا غنى وتزداد الجماهير فقراً وعوزاً وجوعاً، في حين كانت الضرورة تستدعي في زمن الحرب الظالمة، من المسؤولين تأمين أبسط مقومات الصمود للشعب ليقف في وجه الإرهابيين القتلة الذين يعتدون على شعبنا ووطننا.
إن الجماهير الشعبية تتساءل بحرقة وألم، أما لهذا الليل المروع الكابوسي من آخر، الذي يشتد ضغطه يشتد على خناقها يوماً بعد يوم، حتى ليصح فيه قول الشاعر ابن الميسرة: ربّ يومٍ بكيت منه صرت في غيره بكيت عليه، ان هذا الواقع الكارثي الذي يعيشه شعبنا، يذكر بأوضاع العديد من الدول، حيث الكثير من المسؤولين في الإدارت الرسمية، لم يكونوا جادين في الشعارات التي رفعوها، وتحت ستارة الشعارات الوطنية، كان همهم الدائم، زيادة ثرواتهم، عبر المزيد من النهب، نهب الدولة والشعب، ومع تغير الأوضاع تغيرت مواقعهم وخنادقهم، وأصبحوا في مكان آخر، بعد أن دفعت شعوبهم أثماناً باهظة، وباتوا ينطلقون في سياساتهم الاقتصادية والاجتماعية كلها، من مصالح كبار الرأسماليين الذين أصبحوا منهم، ونسوا شعبهم.
إن مؤتمر جنيف الدولي وجد ليستمر، حتى ينجز مهمته في حل الأزمة السورية، وخطه الاستراتيجي - كما قال د. قدري جميل « قد شق طريقه وهو سائر إلى أمام « بالرغم من محاولات العرقلة الفاشلة التي تجري من هذا وذاك، لأن توازن القوى على النطاق العالمي يفرض ذلك. إن شعبنا العظيم يتطلع بتفاؤل كبير إلى تحقيق التغيير الديمقراطي الشامل اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، لتولد الجمهورية العربية السورية الديمقراطية الجديدة ، دون وجود كبار اللصوص و الفاسدين فيها.