مجرد امرأة..
لا تعرف الأفكار والمشاعر جنساً، ولا يهمها الجسد الذي تحط فيه.. فالشعور بالظلم والحنق واحد، والشعور بخيبة الأمل وتلاشي الرغبات والأحلام واحد.. وبالمقابل الرغبة في الانعتاق أيضاً واحدة، والرغبة في إحداث التغيير وبناء المستقبل واحدة...
هذا ما تفكر به المرأة السورية اليوم، ما تحسه، وما تردده في داخلها مراراً، إلا أن شعوراً بالعجز والضعف ينتابها وهي مسجونة داخل جسدها الصغير... في داخلها تصرخ، تغضب، تثور... إلا أن الخارج يبدو مسالماً لا يستطيع تحمل تبعة المشاعر والأفكار..
هي في حالات وأمثلة كثيرة على درجة جيدة من المعرفة قياساً بالرجال، إلا أنها وعندما تدفعها أفكارها حد الانفجار بحيث تهب للقيام بشيء تتفاجأ من جديد بأنها في نظر من حولها، مؤيدين ومعارضين، شرطة ومدنيين، مجرد «امرأة»...
هي مجرد امرأة بالنسبة لجندي مكافحة الإرهاب الذي يصعد الباص للتحقق من هويات الركاب، فيمر بجانب مقعدها غير مكترث بالنظر إلى هويتها، ويكمل بحثه عن رجلٍ غريب قد يشكل خطراً على أمن الدولة.
هي تتحول في نظر رجال الأمن من متظاهر خطير إلى مجرد امرأة، إذ لا يهم هنا الهتاف الذي تصرخ به أو الدور الذي تحاول لعبه، فهي ليست خصماً سياسياً، هي امرأة تنهال عليها جميع الشتائم التي تنال من كرامتها وجسدها كونها آثرت الاختلاط بالرجال علىالجلوس بالمنزل.
هي مجرد امرأة.. يطلب أليها أبوها وإخوتها وأصدقاؤها البقاء بالمنزل وعدم المشاركة بأي نشاط كي لا ينشغلوا بمحاولة حمايتها والدفاع عنها.. يريدونها أن تلتفت لأعمال يرونها أكثر أهمية وجوهرية.
هي أيضاً مجرد امرأة ضعيفة عاجزة تم اعتقالها، يستخدم جنسها أداة لاستنهاض الهمم وإثارة حمية الرجال الأشداء على «أخواتهم» كي يهبوا لإنقاذهن على صهوات جيادهم في جمعة الحرائر.
تعامل المرأة كمجرد امرأة.. مع أنها تدفع الثمن كإنسان وكمواطن.. تدفع الثمن حياتها أو حياة ابنها أو زوجها أو أخيها.. تدفع الثمن غضباً وحزناً.. تدفع الثمن ضائقةً مادية... وهناك لا تجد أية معاملةً خاصة كامرأة، فالجميع متساوون في دفع الأثمان، وهناك لايشفع لها ضعف جسدها، أو صوتها المنخفض وعيونها المتلألئة وشعرها الجميل.