نور أبو فراج نور أبو فراج

كنتُ هناك.. شهود عيان حقيقيون!!

ما شاهدوه اليوم لم يكن صورة ضبابية على صفحات الانترنت، ولم يكن خبراً عابراً على شاشة التلفاز، كان حقيقةً ماثلةً أمام أعينهم، كانوا هم الشهود العيان، هم المصادر المقربة، والحقيقة أن المشهد من قلب الحدث يختلف جذرياً، وبصورة مروعة، عن مشاهدته أمام التلفاز أثناء الاتكاء على الأرائك..

بدأ صباح يوم السابع عشر من نيسان لهذا العام بتجمع عدد من أبناء محافظة السويداء، تجمعوا ليقيموا طقس الاحتفال السنوي بعيد الجلاء وذلك بأن اتجهوا إلى ضريح قائد الثورة السورية الكبرى، حاملين العلم الوطني، وصور مناضلي الثورة السورية الكبرى، العيد الذي يحمل هذا العام طعماً جديداً، لأنهم الآن يعلمون، وأكثر من أي وقت مضى، ماذا يعني حقاً أن يتحد شعبٌ كامل، بكافة طوائفه ومدنه وقراه وبجميع أفراده رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، لتحقيق هدف واحد، هدف أسمى..

لم يتوقعوا أن في بلادهم من سيعتبر رفع العلم السوري إهانة، وحمل صور أبطال الوطن خيانة تستوجب المحاولات التي مورست عليهم لتفريق جمعهم والتغطية على أصواتهم وأهازيجهم بالهتافات والصراخ حيناً، وبالشتائم المعيبة حيناً آخر!!

ليس بعيداً عنهم، اتخذت الأحداث منحىً أكثر خطورة مع اعتصام عدد من أبناء المحافظة في ساحة الشعلة داخل مدينة السويداء، رافعين أغصان الزيتون وصور الأبطال، معتقدين أن بإمكانهم اختيار الشكل الذي يرونه هم للاحتفال بعيد الاستقلال بعيداً عن الابتذال والجمود الذي وسم المناسبات الوطنية سابقاً، فهؤلاء أيضاً لم يتوقعوا أن يهاجموا من قبل أفراد «مدنيين» مثلهم، من حيهم أو مدينتهم، بينما يقف رجال الأمن والشرطة يشاهدون ما يحدث دون أن يتحركوا لإيقافه، متذرعين بأنهم ممنوعون من استخدام العنف!.

لم يتوقع المحتفلون يوماً أن يشاهدوا عصي إخوتهم ترتفع عالياً في السماء لتسقط على أجسادهم، ولم يستوعبوا حتى اللحظة كيف تتحول سارية العلم السوري وبعض أعمدة الصور إلى أدوات يُضربون بها. والأهم من ذلك كله أن «الضاربين» لم يكتفوا بذلك بل أتبعوه بتمزيق صور الرموز الوطنية، رموز الثورة السورية الكبرى التي اتحد الشعب السوري حولها، اتحد على تمجيدها واحترامها كونها أسمى من أن تمس، ولأنها هي بالذات من صاغت بنضالاتها هويته الوطنية المتجذرة عميقاً في التراب السوري.

لم يتوقعوا ذلك كله.. لكنه حدث.. حدث لهم وعلى مرأى منهم، بصورة لا تدع مجالاً للشك أو التأويل، الألم أحسوه فعلاً، والمشاهد التي رأتها عيونهم وتجمدت في ذاكرتهم لم تكن مركبة أو معدلة، الأصوات التي سمعوها كانت هي الحقيقية دون إضافة، أو نقصان..

وإن تجرأ أحد على إخفاء أو تشويه حقيقة ما حدث، سيجد الكثيرين يقولون له: مهلاً، لقد كنتُ هناك...