عمال تجفيف البصل سنواتٌ من العطاء رغم قسوة الظروف
لم تشفع لهم سنوات العمل الطويلة التي قضوها في انتظار حلم التثبيت، ولم تر آمالهم النور في أن يعاملوا كزملائهم المثبتين، هم العمال المؤقتون في الشركة العامة لتجفيف البصل في مدينة السلمية، تلك الشركة التي كانت رائدة على مستوى القطر في إنتاج وتصدير البصل المجفف بمواصفات عالية، فما هو حال الشركة اليوم وإلى أين وصلت في ظل الأزمة، وأي مصير ينتظر عمالها في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها العمال السوريون جميعهم اليوم؟
البحث عن بدائل
وفرت شركة تجفيف البصل عملاً لكثيرٍ من سكان المنطقة وريفها، وقدمت دخلاً لنحو 700 أسرة فقيرة على امتداد سنوات، لكن ظروف الحرب أدت إلى توقف عجلة الإنتاج، لتتجه إدارة الشركة بعد ذلك إلى البحث عن مصادر بديلة للاستمرار في العمل، فاستبدل الإنتاج الذي كان يرتكز على البصل المجفف ببدائل بسيطة مثل تعبئة البرغل وصناعة زعتر المائدة والفلافل والتوابل.
ظروف صعبة
ورغم ما كانت الشركة توصف به من ريادة فإنها حتى في «أيام العز» ما قبل الأزمة كانت تفتقر إلى كثير من مقومات السلامة المهنية، إذ لا يعطى العمال أي لباس واقٍ رغم أنهم في أمس الحاجة على الأقل إلى كمامات لحمايتهم من الأمراض التنفسية، وإلى واقيات للأذنين بسبب ضجيج الآلات الذي يصم الآذان، وجديرٌ بالذكر أن أبرز الأعراض التي يعانيها العمال ولاسيما في مواسم البصل سابقاً هي الإغماء وآلام العيون والربو إضافة إلى آلام الظهر والقدمين نتيجة للوقوف ساعات طويلة وقصر مدة الاستراحة.
موسميون منذ سنين!
أما حالياً فيعمل في الشركة 81 عاملاً 14 منهم مؤقتون، وصحيح أن المرسوم الجديد نص على تثبيت العمال الذين عملوا لأكثر من سنتين متتاليتين في الجهة العامة نفسها إلى أن هؤلاء العمال المؤقتين حرموا من هذا الحق لسبب لا يعلمونه، وأياً كانت الأعذار التي تقدم إليهم فإنها جميعاً تصب في خانة التسويف.
بلا حقوق
ولا يحصل هؤلاء العمال الموسميون على أية ترفيعة ولا بدل لباس أو وجبة غذائية ولا حوافز حقيقية، كما لا يحصلون على إجازات إلا فيما ندر، إذ أنها لا تعتبر حقاً لهم بل هي هبة يتبرع بها مراقب الدوام من حين لآخر، وحتى الطبابة فهي لا تتعدى في أحسن الأحوال 500 ليرة في الشهر.
أما واجباتهم؟
ينهض هؤلاء العمال بالكثير من الأعباء، ويقومون بواجبات شتى، فالواحد منهم عاملٌ منتج وعتال وآذن وعامل حديقة.. والقائمة تطول، في حين أن أجورهم لا تتعدى 14 ألف ليرة، ويختصر أحدهم هذه الحال المؤسفة بقوله: «نعمل عن عشرين عامل في حين أن أجورنا لا تكاد تكفينا لتأمين خبزنا اليومي!».
«عمال البرغل»
وعن معاناتهم يروي هؤلاء العمال أنهم وبعد توقف إنتاج البصل المجفف بدؤوا العمل في إنتاج وتعبئة البرغل، وهو العمل الذي ضاعف المسؤوليات الملقاة على عاتقهم حتى أصبح عليهم تحمل أعباء إضافية مثل عتالة أكياس البرغل الثقيلة حيث يقومون بتحميل نحو 400 طن من البرغل في العام دون أي أجر إضافي أو تعويض، ولا تتعدى المكافأة التي يمكن أن يحصلوا عليها 300 ليرة في الشهر أو الشهرين، ومع الوقت أصبح هؤلاء العمال المؤقتين يعرفون بوصفهم عمال البرغل وهم الأكثر تعباً وعملاً والأقل أجراً وتعويضات.
التثبيت مطلب متجدد
الإدارة الحالية وعدتهم بأن تبذل جهدها لتثبيتهم لكنهم يعلمون أن الظروف الحالية وما فرضته من تدني نسبة الإنتاج في الشركة وتراجع الميزانية سيجعل من حلمهم بعيد المنال ويبقيهم على أمل أن يأتي يوم تتحسن فيه الظروف وترفع أسماؤهم إلى الجهات المعنية، عسى أن توافق على تثبيتهم ولاسيما أنهم ليسوا سوى 14 عاملاً لن تكسر رواتبهم الهزيلة أصلاً ظهر أية شركة عامة.
هل تغير
الإدارة الجديدة أحوالهم؟
سؤال مشروع يطرحونه، وأمنيتهم الأولى ألا يتوقف المعمل أبداً لأنه مصدر رزقهم الوحيد، وكلهم أمل ألا تكون الإدارة الجديدة كسابقتها وأن يترافق قولها بالفعل، ولا تقتصر على الشعارات، ولا تتشبث «بالكرسي» على حساب حقوق العمال.