وثيقة موضوعات «القضية الكردية وشعوب الشرق» قراءة ما بين السطور

 دفع المنعطف التاريخي الراهن، القضية الكردية إلى دائرة الضوء، وتعددت الآراء والمواقف حول هذه القضية سبل حلها،  وفي هذا الإطار قدم حزب الإرادة الشعبية، مشروع موضوعات برنامجية، تتضمن رؤيته وفهمه للقضية، تتضمن مقاربة جديدة، بعدة سمات:

أولاً: القراءة المتكاملة 

تعتبر الوثيقة  قراءة متكاملة لهذا الملف الشائك، ليس من جهة عمق الرؤيا، والفهم المعمق لخصائص القضية فقط، بل من جهة الإحاطة بكل جوانبها، التاريخية منها، والمعاصرة، بما فيها اللحظة السياسية الراهنة، وآفاق الحل أيضاً، وحسناً فعلت الوثيقة بذلك، إذ أن غياب جانب من تلك الجوانب في أية قراءة تتعلق بالقضية الكردية، يشوش الرؤية، ويمنع رسم الموقف الصحيح، فدرجة تعقيد القضية ليست لأنها نتاج المشاريع الاستعمارية، وسايكس بيكو فقط، وإن كانت هي الأساس، بل هي أيضاً نتاج سياسات ما اصطلح عليه بالدولة الوطنية، وهي في الوقت نفسه، نتاج المواقف الخاطئة للقيادات الكردية، في العديد من المنعطفات التاريخية التي مرت بها القضية، أي إنها نتاج هذه العوامل كلها، في إطار تفاعلها مع بعضها البعض.

ثانياً: شعب وقضية... ونُخَب!

تتمايز الوثيقة، عن المقاربات الأخرى للقضية الكردية، هو أن الموقف من حقوق الشعب الكردي موقف ثابت، بغض النظر عن الموقف من المشروع السياسي، الذي تتبناه هذه الجهة الكردية، أو تلك، فلا تنظر الوثيقة إلى معطى تاريخي ثابت – حقوق الشعب الكردي - من خلال حالة متغيرة، وهي بنية القوى السياسية الكردية، فتتجاوز – أي الوثيقة – بذلك إحدى إشكالات الخطاب السياسي المعاصر السائد الذي طالما حدد الموقف من قضية ما، من خلال الموقف من نُخَبها السياسية، هذا الإشكال الذي كان سبباً من أسباب توسع الفوالق القومية، والمذهبية، والدينية، في دول المنطقة، وإمكانية الإشتغال عليها، مثلاً، تم اعتبار  الصراع، أو حتى مجرد خلاف أحياناً، بين بعض القوميين العرب، وبعض القوميين الأكراد على أنه صراع قومي..

ثالثاً: القومي.. والوطني

طالما تم وضع إشارة تعارض بين الهم القومي، والهم الوطني على مستوى كل بلد معني، في القراءات المختلفة المتعلقة بالقضية الكردية، وتحديداً في الخطاب القومي، سواء كان خطاب نُخَب القومية الكبرى، أو النخب الكردية..

تعالج موضوعات «حزب الإرادة الشعبية» هذه القضية من زاوية جديدة، لتتجاوز ما هو شكلي، وتقدم القضية على أنها قضية واحدة، فالمسألة الكردية في سورية مثلاً، هي قضية تخص السوريين كلهم، وليس الأكراد منهم فقط، وهي مسألة وطنية سورية، وعدم حلها حلاً ديمقراطياً عادلاً، يؤدي بالضرورة إلى التأثير السلبي على عموم تطور سورية، السياسي والاقتصادي الاجتماعي، والإبقاء على بؤرة توتر يمكن أن تستغل من قبل أية جهة كانت، وتثبت الوثيقة هنا فكرة المصير المشترك، وعبثية الحلول الجزئية، وفي الوقت نفسه عبثية التأجيل والمماطلة في حل المسألة الكردية.

أما بالنسبة للقضية الكردية بشكل عام وفي البلدان الأربعة، فإنها جزء من قضية شعوب الشرق، وعدم حلها يعني استمرار التوتر في عموم دول المنطقة.

إن الوثيقة من خلال هذه المقاربة، إنما تخرج القضية الكردية من دائرة التجاذب القومي، وتدخلها في سياقها السياسي الصحيح باعتبارها جزءاً من قضية الصراع  المركب الدائر في عموم دول المنطقة، بين شعوب المنطقة، وقواها الحية من جهة، وبين نُخَب البرجوازيات المحلية، بامتداداتها العالمية، وعلاقتها مع السوق الرأسمالية العالمية من جهة أخرى.