رؤية في القضية الكردية
كريم شحود كريم شحود

رؤية في القضية الكردية

إن تعقيدات القضية الكردية تطفو على السطح في الظروف الحالية وبدأت تحتل مساحات هامة من أجندات المجتمع الدولي وذلك بعد تبلور توازن دولي جديد متعدد الأقطاب- وبعد أن كانت هذه القضية آخر اهتمامات المجتمع الدولي بالفترة السابقة .

هذا الانعطاف التاريخي الحاصل للتقدم بخطوات على طريق حق تقرير المصير للشعب الكردي .

إن الحركة الكردية محكومة واقعياً، أردنا هذا أم لم نرد، بطبيعة القوى الاجتماعية التي ترفع شعارات المشروع الكردي المرحلي أو النهائي كما أن تطور هذه الحركة مرتبط عضوياً بالتحولات الطارئة عليها في المراحل المختلفة التي مرت بها الحركة الكردية في البلدان التي يتواجد فيها الشعب الكردي وهي العراق – سورية- تركيا – ايران

ولا يمكن فصل تطور هذه الحركة عن مجمل التطورات الخاصة التي مرت وتمر على مختلف هذه البلدان ولو بدرجات متفاوتة ومتمايزة 

الشعب الكردي تجزأ بقصد أو دون قصد الى أربعة فضاءات جغرافية إضافة إلى الشتات، وهو يعاني ولو بشكل متمايز وبكل أماكن تواجده ومنذ عشرات السنين من إنكار واضح لحقه القومي من مختلف الأنظمة السياسية القائمة في مختلف هذه البلدان، لا بل دأبت هذه الأنظمة  الى التأثير الفعال بوعي شعوب بلدانها بحيث أضحت هذه الشعوب ولو بشكل نسبي تستهجن مطالب الشعب الكردي القومية .

أدى ذلك إلى رد فعل عكسي وهو اتهام الشعوب المحيطة به كتبرئه للأنظمة القائمة التي مارست هذه الأفكار العدائية لمطالب الكرد بحقهم القومي ولو بحده الأدنى .

أي أن هذه الأنظمة استطاعت ولو جزئياً من تحقيق خطتها في دب الفرقة والفتن بين الشعوب المختلفة في بلدانها كي تعيق نضالاتها التحررية .

أدوات القمع والاضطهاد التي عانت منها الحركة الكردية تاريخياً، إنها أنظمة قومية بخلفية دينية ضعيفة ومهزومة وتحولت إلى قوى دينية بخلفية قومية شوفينية بجناحيها أحياناً 

أي أنها أصبحت أكثر وضوحاً بقمعها بعد أن كانت تتستر بشعارات قومجية تحررية ناعمة .وهذا التحول نتاج التوازن الدولي الجديد، وبشكل رئيسي تراجع الدور الأميركي كقطب وحيد حيث أن الأمبريالية الأميريكية خير وسيلة لتغطية تراجعها، هي: استخدام الذراع الفاشي بزرع الفوضى وخلق الفتن والتوترات بالشرق العظيم ولتبق محافظة على وجودها ولو بالوكالة 

 طبيعة القوى الاجتماعية الحاملة للمشروع الكردي ومهما كانت ايديولجيتها تتحمل المسؤولية الكاملة عن جدوى الشعارات وملاءمتها في الظرف الدولي الراهن، ومدى واقعيتها في البلد التي تناضل فيه، فالشعار الذي يصلح في بلد ما قد لا يكون مفيداً في بلدٍ آخر وخاصة إذا كان تحالف شعوب هذه البلدان بالنضال من أجل التحرر القومي والذي يلبي مصالح الشعوب كلها بما فيها الشعب الكردي، أو أن يضر بمصالح شعوب بتلك المنطقة، ويؤدي الى توظيف مثل هذه  الشعارات لتنفيذ أجندات دولية خفيفة تؤول في النهاية إلى كيانات مجزأة أو  مصطنعة .

وأخيراً : إن عدم استيعاب القوى الوطنية الكردية لطبيعة التوازن الدولي الناشئ والمتعدد الأقطاب دولياً وإقليمياً، وعدم إدراك ماهية التحالفات الناشئة والتي يمكن أن تنشأ وهي متسارعة .

ذلك كله سيضر بالقضية الكردية بشكل عام ويدخلها في متاهات صراعات ثانوية لا تُحمد عقباها، وطويلة بآجالها فالقوى الاستعمارية الجديدة لم و لن تتوانى عن استخدام الورقة الكردية بعد.

بدأت تستهلك أداتها الفاشية وذلك بهدف إطالة أمد الصراعات في الشرق العظيم، وجعله متعدد الأوجه، كردي كردي – كردي عربي – كردي ايراني – كردي تركي .

وما يدور حولها من صراعات ثانوية أخرى مع بقايا الأذرع الفاشية في المنطقة .

ومن كان يشارك في ظلمك لا يمكن أن يساعدك في رفع الظلم عنك والشعب غير المتحرر لا يمكن أن يمنح الحرية لأحد .