أهمية ومزايا النظام الانتخابي النسبي..
يكثر الحديث عن سلبية قانون الانتخابات الحالي، وهو بالفعل كذلك باعتباره الأداة التي يستخدمها جهاز الدولة للتحكم بنتائج أي عملية انتخابية، وفق مصالحه والنتائج حسب هذا القانون مسبقة الصنع حكماً، وهذا ما أدى ويؤدي الى عزوف قطاعات شعبية واسعة عن المشاركة في العملية، وهو أيضا أحد أسباب تعطيل الحياة السياسية في البلاد، ان استمرار العمل بهذا القانون يقطع لطريق عملياً على أية تعددية سياسية حقيقية ويبقي المادة الثامنة الجديدة مجرد حبر على ورق، ومن أجل كل ذلك كانت الدعوة الى نظام انتخابي جديد يعتمد النسبية الشاملة.
مزايا مبدأ النسبية الشاملة
إن اعتماد قانون انتخابي وفق القاعدة النسبية هو الخيار الوحيد حاليا الذي يفتح الأبواب واسعة نحو الإصلاح السياسي المنشود ، نظرًا إلى المزايا الفريدة التي يتمتع بها والتي تسمح لكل التيارات ويعيد الحيوية للساحة السياسية خصوصا بعد دخول أحزاب سياسية جديدة لها والتي غابت عمليا لعدة عقود مضت ، كما يفرض على الأحزاب الكبرى مراعاة مختلف الشرائح الشعبية عند تشكيل اللوائح كما تساهم النسبية في الحد من فرص التلاعب بالنتائج مقارنةً بالنظام الأكثري، حيث يمكن لتلاعب بسيط في صناديق الاقتراع أن ينسف تمثيل حزبٍ بشكل كامل، ويعطي هيمنة إلى آخر بفارق أصواتٍ ضئيل
مضمون مبدأ النسبية الشاملة:
يقتضي نظام الانتخابات القائم على مبدأ النسبية الشاملة، أن يتم إجراء الانتخابات على أساس أن سورية كلها دائرة انتخابية واحدة تضم كل مقاعد البرلمان ، ويلتزم كل حزب ( أو تحالف أحزاب ) يُقرر خوض الانتخابات أن يقدم قائمة بمرشحيه ويجب أن يكون عدد أعضاء القائمة التي يقدمها الحزب مساوياً لعدد المقاعد في البرلمان وعلى سبيل المثال فعدد المقاعد البرلمانية في سوريا هو 250 مائتان وخمسون مقعدا فيمكن أن يقدم كل حزب أو ائتلاف مشارك قائمة تضم 250 مرشحا لمجمل المقاعد ، لا ينقصون مرشحا واحدا ، ويصوت الناخبون للقائمة كلها ، ،ولإيضاح كيفية عمل هذا النظام ، وعلى سبيل المثال فقط ، إذا تقدمت لخوض الانتخابات أربع قوائم حزبية ، لا تفوز القائمة التي حصلت على أغلب الأصوات بجميع مقاعد البرلمان ، بل تفوز كل قائمة بعدد من المقاعد النيابية يتناسب مع عدد الأصوات التي حصلت عليها على المستوى الوطني كله ، ولهذا سميت بالقائمة النسبية ، فإذا كان عدد المقاعد في البرلمان 250 مائتين وخمسين مقعدا كما هو عندنا ، وجرت الانتخابات بين أربع قوائم : أ ، ب ، ج ، د، وحصلت القائمة (أ) على 60% من عدد أصوات الناخبين ، فإنها تحصل على عدد من المقاعد يتناسب مع ما حصلت عليه من أصوات أي على 150 مقعدا في البرلمان ( يشغل هذه المقاعد أول 150 مائة وخمسون عضوا في القائمة (أ) بحسب الترتيب الوارد فيها ( وكل حزب هو الذي يحدد ترتيب أعضائه ) ويتم استبعاد باقي المرشحين في ذات القائمة .. وإذا حصلت القائمة (ب) على 25% من الأصوات ، فإنها تحصل على 62 مقعدا من مقاعد البرلمان والقائمة (ج) على 10% فإنها تحصل على 25 مقعدا، وهكذا بقية القوائم ، كل قائمة بحسب نسبتها من الأصوات ، وهنا يجب الانتباه الى أن عملية المفاضلة تجري بين القوائم على أساس البرامج الحزبية وليس علي أساس المفاضلة بين الأفراد الذين يشغلون تلك القوائم ويتطلب هذا النظام روح تسامح متقدمة سواء بين الأحزاب أو داخل الحزب الواحد ، حيث تقوم قيادة كل حزب بترتيب قائمتها بحسب نظرتها الى أهمية الأشخاص ومدى حظهم في اجتذاب الناخبين ، وهو أمر كثيرا ما يتسبب في انشقاقات و تعارضات داخل الحزب الواحد.
أضف الى ذلك ضرورة تعديل بعض أحكام قانون الانتخابات بما يخص التوجهات التالية:
1 - لا يجوز أن يُحدث في كل محافظة أكثر من مئة مركز انتخاب، على أن لا يزيد عدد الصناديق عن ثلاثة في كل مركز، حيث إن وجود أكثر من هذا العدد كما هو في الانتخابات السابقة «12500 صندوقا تقريباً» سيعطي الفرصة فقط لأجهزة الدولة وقوى المال من أجل تغطية هذه الصناديق، وهذا يعني أن مرشحي الفئات الكادحة وذوي الدخل المحدود لن يتمكنوا من تغطية كل هذه الصناديق، وإن الإكثار من عدد الصناديق يعني التسهيل لقوى المال فقط بالنجاح على حساب مرشحي الكادحين.
2 - إن قضايا تمويل العملية الانتخابية، وخصوصاً الدعاية والإطعام والمواصلات وغيرها... يجب أن تتم عبر النظام المصرفي حصراً، وضمن سقوف محددة، حتى تستطيع اللجنة المشرفة على العملية الانتخابية من تحديد أن هذا المرشح أو ذاك، أو هذه القائمة أو تلك لم يتجاوز السقف المحدد له بالقانون، ولم يقم فعلا بشراء الأصوات، وهذا الأمر كان يتم سابقا، لذلك يجب منع الصرف عبر الدفع النقدي الفوري، وإنما عبر شيكات مصرفية فقط تحت عقوبة الإخراج من العملية الانتخابية.
3 – يجب عدم اجراء الانتخابات في يوم عمل تستفيد منه قوى جهاز الدولة التي تقوم بعمليات التزوير .
- ضرورة تحديد النسب التي يجب على كل قائمة مشاركة بالعملية الانتخابية أن تنالها من حجم كتلة المصوتين حتى تستطيع أن تتمثل بالبرلمان، وهي على سبيل المثال في روسيا 5% من الأصوات، وفي تركيا 10 % ، وهذه القضية يجب ألا تغيب عن ذهن المشرع لمناقشتها ووضع أفضل النسب بما يتلاءم مع الواقع الحالي للأحزاب في سورية، ونرى بأن نسبة 3% نسبة مقبولة، وأن يتم توزيع المقاعد الباقية من القوائم التي لم تنل نسبة الحسم على الأحزاب الفائزة حسب النسبة التي نالتها كل قائمة في الانتخابات.
إن إقرار قانون عصري لانتخابات مجلس الشعب، وتمكين الشعب من انتخاب ممثليه دون ضغوط، وإعادة الروح للحياة السياسية على الساحة ألسورية كل ذلك سيؤدي سريعاً إلى تحصين منعة البلاد، وإعطاء دفعة قوية لدور سورية الممانع والمواجه للمخططات الصهيوأمريكية اعتماداً على جماهير الشعب، والتي وحدها القادرة على رفد الدور السوري بالقوة والمنعة والجبروت، وبكل الضرورات التي تمكن سورية من الاستمرار في دورها الوطني التاريخي، والتي من خلالها فقط يمكن الحفاظ على كرامة الوطن وكرامة المواطن.