التوازن الدولي وشعوب الشرق

• مع تثبيت التوازن الدولي تنفتح الآفاق مجدداً أمام وحدة نضال شعوب الشرق، حيث تكتمل معادلة هذا النضال المشترك بعناصرها المختلفة. فبالإضافة إلى الجانب الموضوعي الذي يعبر عنه الانتماء إلى فضاء جغرافي واقتصادي وقيمي واحد،  تفرض التطورات السياسية الجارية على مسرح الشرق تحول هذه العملية إلى واقع ملموس، من خلال تقاطع مصالح ودور القوى الصاعدة مع مصالح شعوب الشرق، فالاستراتيجية الغربية القائمة على ضرب الكل بالكل كممر لاستدامة الهيمنة، والنهب الاستعماري بشكليه القديم والجديد، تُلجم اليوم بالهجوم العسكري والدبلوماسي والإعلامي الروسي، كأداة لفرض الحلول السياسية.

• إن المواجهة الشاملة مع المشروع الغربي القائم على الاستفراد بالهيمنة، سيفرض على جميع القوى البحث عن خيارات أخرى، لدمقرطة العلاقات الدولية، بعد أن أصبحت الفوضى العارمة في الإقليم  تهديداً وجودياً للجميع. وإذا كانت نخب البرجوازية الحاكمة والتابعة للسوق الرأسمالية العالمية، في بلدان الشرق كانت عائقاً مباشراً أمام وحدة نضال شعوبها في ظروف الاستفراد الأمريكي بالقرار الدولي، فإن الظروف الجديدة، تفتح الطريق أمام القوى المجتمعية، إلى الانخراط في العمل على واقع جديد، وبالأخص تلك القوى التي هي ضحية الرأسمال المالي الإجرامي، مما يعني توفر قوة دفع جديدة للقوى الثورية في الشرق لنسف كامل المنظومة السابقة، بما فيها الخرائط التي رسمت على يد المهندس الغربي، باتجاه الاندماج والاتحاد الطوعي. 

• وفي هذا الإطار يمكن فهم زيارة صلاح الدين ديمورطاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي إلى موسكو، حيث وصف «إسقاط المقاتلات التركية للقاذفة الروسية بالأمر المخطئ»، مؤكداً «ضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة (بين بلاده وروسيا)، من أجل حل هذه الأزمة عن طريق الحوار»، وكذلك اللقاء الذي جرى في موسكو أيضاً مع أمين حزب الإرادة الشعبية د.قدري جميل. وكان قد سبق ديمورطاش، كمال كيليتشدار، زعيم حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، بزيارة إلى مصر، التقى خلالها بالرئيس المصري الذي تعاديه أنقرة بسبب إسقاطه حكم «الإخوان المسلمين». 

 

• التوازن الدولي الجديد، الذي يترسخ كرد فعل على محاولة الطغمة المالية العالمية ومشاريعها بديمومة الهيمنة، هو عملية تاريخية، لها مسار واحد ستنتهي بالضرورة إلى واقع جديد في العلاقات الدولية، قائم على احترام وجود الكل والاعتراف المتبادل بالحقوق، وهو بالتالي في جانب منه بوابة بناء وحدة شعوب الشرق العظيم.