محتوى الإرهاب التكفيري
استخدمت الجماعات التكفيرية من «داعش» وغيرها، أساليب فاشية متعددة، منذ أن تم استيلادها، حيث لم توفر سلوكاً إجرامياً إلا واستخدمته، ضمن مناطق سيطرتها من التفجيرات المعممة، والقتل، والحرق، والتمثيل بالجثث، إلى السبي و فرض الجزية، ناهيك عن دورها في التوتير الطائفي والمذهبي والعرقي..
فقد تبنى هذا التنظيم مؤخراً التفجير الذي حصل في مدينة القامشلي في مركز لتجمع «الأسايش» (شرطة محلية) ذهب ضحيته العشرات من أبناء المدينة بين قتيل وجريح، في أكبر تفجير إرهابي تشهده هذه المدينة الهادئة نسبياً، منذ بداية الأزمة السورية، بالإضافة إلى تفجير أكثر من عشرين سيارة مفخخة خلال محاولة اقتحام مدينة الحسكة في الشهر الفائت..وقبلها الإعتداء على المواطنين في ريف تل تمر وخطف المئات منهم وما زال الكثير منهم مصيره مجهولاً..
وقبل أيام، وبعد استباحة مدينة القريتين في محافظة حمص، خطف هذا التنظيم أكثر من مئة مواطن بينهم العشرات من أتباع الديانة المسيحية، من بينهم قس في أحد الأديرة «جاك مراد» ، وفرضت على بعضهم الجزية، أو اعتناق الديانة الإسلامية، وعلى مدى سنوات الأزمة، كان الخطف أحد الأساليب السائدة لدى العديد من الجماعات التكفيرية، حيث خطف مواطنون في ريف اللاذقية، والرقة، ودير الزور، وحلب وريفها، ما زال مصير الكثيرين منهم مجهولاً..
إن خريطة ضحايا الإرهاب التكفيري، شملت كل أماكن تواجدها، بحيث لم توفر أي من البنى الاجتماعية، مذهبية أو دينية أو عرقية، أو عشائرية، وهذا يعني أنها تستهدف فيما تستهدف النسيج الاجتماعي السوري كله، ضمن استهداف بنى الدول والمجتمعات.
داعشية إعلامية..
تساهم بعض وسائل الإعلام، أثناء تغطيتها لممارسات الجماعات التكفيرية، بما يزيد من توتر الأوضاع، وزيادة الترهيب، وهو الأمر الذي يصب في خدمة مشروع هذه الجماعات ومشغّليها بالضبط، حيث أن تعميم الإرهاب، وجعله أمراً مألوفاً، كان وما زال إحدى وظائفها، وأحد مصادر قوتها، ففي الوقت الذي من المفروض، أن تقوم وسائل الإعلام – مهنياً على الأقل - بتبيان خطر هذه الجماعات على الدول والمجتمعات والإنسانية عموماً، تلجأ إلى تقزيم خطر داعش وتقديمها على أنها تستهدف هذه الجماعة أو تلك، أو أنها تنتمي أو تمثل هذا المذهب أو ذاك، وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.
إن الحديث عن جماعات الإرهاب الديني باعتبارهم مجرد ظاهرة ثقافية، لا يقل خطراً عن هذه الجماعات نفسها، ويأتي في سياق استكمال الدور الوظيفي المطلوب منها، إذ أن هذا التناول المبسط والمشوه لهذه الظاهرة الفاشية، يساهم في زيادة منسوب التوتر الديني والعرقي والطائفي لدى عموم مكونات المنطقة، بما يؤدي إلى تشويه الصراع وتغييب جوهره الحقيقي.
إن جماعات الإرهاب الديني، من «داعش» وشبيهاتها، هي قبل كل شيء، أداة إجرامية، وأحد امتدادات الفاشية الجديدة على المستوى العالمي، لتسويق المشاريع الغربية، كـ«الفوضى الخلاقة» وصراع الحضارات وغيرها.