إيقاف النزيف الوطني
الأخبار السورية تتصدر وسائل الإعلام الدولية والإقليمية والمحلية ـ وكل منها يبرز ما يراه مناسباً لأهدافه ومصالحه. دون الإكتراث بمعاناة الشعب السوري ـ من ويلات هذه الأخبار من دمار للبشر والحجر.
فالمراكز الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ـ المتخبطة في رؤيتها أو المترددة ـ تدعم من تشاء وتنزع الشرعية وتعطيها لمن تشاء ـ تغذي التطرف والإرهاب متى تشاء ـ و«تكبحه» أحياناً عندما تتطلب مصالحها ـ لأنها تعرف أن أبناءها المتطرفين ـ قد يخرجون عن الطاعة أحياناً. فهذه المراكز تخلق البؤر والفتن القومية والمذهبية وغيرها ولا خلاف بينها على ذلك، بل الخلاف إن وجد يكمن في الحد الذي يمكن تقسيم هذه المنطقة أو تلك، والويلات التي يمكن أن تحدث فيها ـ أو على مستوى التقسيم الذي يحقق مصالح وأهداف هذه المراكز الإمبريالية ـ دون ان تأبه بحجم الخسائر المادية والبشرية حيال تحقيق هذه الأهداف، كما أن التوازن الدولي الجديد الناشئ ـ جعلها تتمادى في جنونها بحلف دولي جديد، يستكمل التدمير في هذا البلد أو ذاك تحت غطاء محاربة الإرهاب المصدر من قبلها، وكل ذلك يجري طبعاً تحت راية تحقيق طموحات الشعوب في الديمقراطية والتعددية السياسية، وما إلى ذلك ..
وبعد أن فشلت هذه المراكز في تمرير أهدافها عبر مجلس الأمن والشرعية الدولية ـ نتيجة موقف القطب الوازن ـ وعلى رأسه روسيا الداعمة للحل السياسي دون غيره في تحقيق مطامح الشعوب. لجأت هذه القوى الإستعمارية إلى حربها ضد شعوب البلدان النازعة نحو التحرر والتقدم عبر أدواتها المختلفة في المنطقة العربية من منظمات مغرقة في الرجعية .
وعلى المستوى الإقليمي حدث ولا حرج ـ أخبار عن تقدم هذا الفصيل أو ذاك ـ وأنباء عن تطرف هنا وهناك وصور عن مجازر يبررها متى أراد ويدينها أحياناً، وعاجل متكرر يفيد بالسيطرة أو عدمها وبتحرير منطقة أو استعادتها.. وغير ذلك. وكل هذا أيضاً تحت راية تحقيق طموحات الشعب السوري.
وعلى الصعيد المحلي: أنباء متواترة عن استهدافات وتحرير وإنجاز هنا وهناك ولمدة قاربت الأربع سنوات، ويتناغم الإعلام المحلي مع إعلام قوى ما يسمى المعارضة بالسيطرة على مراكز أبنية أو تحرير مدينة أو قرية، صغيرة كانت هذه القرية أم كبيرة لا يهم، ما وضع سكان هذه المناطق، تهجروا، نزحوا، تهدمت بيوتهم، سرقت أموالهم وأثاثهم، حرقت محاصيلهم كل ذلك ليس بحسبان هذا الطرف أو ذاك فالتطرف من كل طرفي المعارضة والنظام يبدو غير آبه بما يجري على أرض سورية، وكل منهما لا يرى سوى حسمٍ يريده لصالحه ولم يرَ غيره منذ بداية الأزمة السورية على الرغم من النزيف المستمر للوطن بموارده المادية والبشرية، فالوطن أكبر من الجميع وكل الأطراف تدعي ذلك ولو بمستويات مختلفة فإلى متى سيستمر هذا النزيف الواجب ايقافه عبر الحل السياسي الذي يعبر عن إرادة الشعب السوري ودون أي تدخل خارجي. حل يكون عبر تحالفات وطنية واسعة قادرة على مواجهة كل مستويات العنف والتطرف والإرهاب.