ينبغي أن تبقى لقمة الشعب خطاً أحمر..!
أقدمت الحكومة السورية ليلة الثلاثاء/ الأربعاء (8-9/7/2014) على إعلان قرارها القاضي برفع أسعار الخبز، القوت اليومي الأساسي للسوريين، من 9 ليرات للكيلو إلى 15 ليرة، بنسبة تتجاوز 66% دفعة واحدة، في تجاوز منها لواحد من أهم الخطوط الحمراء الملحوظة في الدستور السوري النافذ، والقائلة بوجوب الحفاظ على مستوى معيشي لائق للشعب السوري
حيث ينص البند الثاني من المادة الثامنة عشرة في الدستور «تهدف السياسة الاقتصادية للدولة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة»، في حين ينص البند الثاني من مادته الأربعين « لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها».
إن انفجار الأزمة السورية يفترض أنه قدم دروساً هامة في تحديد أبرز مسبباتها الداخلية المتمثلة بسياسات تحرير الأسعار والأسواق والاقتصاد، ولكن لم تمض إلا أسابيع قليلة على الضخ الإعلامي المشبوه الذي مهد لهذا الإجراء المبيت، حتى جاء الإعلان عنه تحت جنح الظلام ليندرج ضمن سلسلة إجراءات وتجاوزات لخطوط حمراء أخرى يرى البعض أن الظروف مؤاتية لتجاوزها، وهي تهدف حسب غالبية التوقعات والتسريبات، وضمن وقت قصير، إلى زيادة أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية ورفع الدعم أكثر عن بقية مواد التموين المدعومة، بما تعنيه من زيادة الأكلاف المعيشية على المواطن المثقل أساساً بأعباء الغلاء والبطالة والنزوح والتشرد والوضع الأمني الميداني، المترتبة على الأزمة الوطنية العميقة والشاملة التي تعيشها البلاد منذ ثلاث سنوات ونيف، علماً بأن الدعم الحكومي المقدم للخبز يقل عن الدعم الذي تقدمه الحكومة ذاتها، وبالقطع الأجنبي، لتمويل نشاطات تجار السوق وصفقاتهم، في الوقت الذي يعد فيه ضرب الفساد المرتبط بصفقات استيراد الطحين من الخارج وعمولاتها كفيلاً بتغطية جزء هام من تكاليف الدعم الحكومي المقدم للخبز، إن لم يكن كاملها..!
إن حزب الإرادة الشعبية، إذ يدين المحاولات الحثيثة والمتسارعة على نحو غير مفهوم للإيغال بفرض الأمر الواقع الاقتصادي الليبرالي على المواطن، وعلى أية حكومة سورية لاحقة، سواء عبر الرفع المتتالي للأسعار ونفخ الروح بالخصخصة تحت عناوين مختلفة، يجدد التأكيد على أن المطارح الحقيقية الكفيلة برفد خزينة الدولة بالأموال الكافية لاستنهاض دورها الاجتماعي، والإبقاء على الدعم الحكومي للسلع الأساسية ولقمة عيش المواطن، وتمويل مشاريعها التنموية الحقيقية، إنما تكمن في قيام مكافحة فعلية وجدية للفساد الكبير واستعادة أمواله وإغلاق منافذه التي تعيث نهباً وتخريباً، وهو الذي يتجدد اليوم خلال الأزمة الراهنة على حساب دماء الشهداء والمصابين والشهداء الأحياء من السوريين المنكوبين والمتطلعين بآن معاً لإنهاء كارثتهم الإنسانية عبر حل سياسي شامل، يُعدُّ الحفاظ على كرامتهم ومكتسباتهم أحد أبرز عناوينه.
إن قرار رفع سعر الخبز يضع نقطة فاصلة مع كل ما تبقى من الإجراءات التقدمية التي أنجزت خلال العقود الماضية وهو نذير شؤم يشي باتجاه الرياح الاقتصادية التي تريدها الحكومة، وهي السير ضد مصالح الجماهير بشكل واضح ومكشوف، ودون لف ودوران، وهو إعلان صريح للنوايا المرسومة للمرحلة المقبلة، ولذلك يدعو حزب الإرادة الشعبية الشعب السوري لأن يقاوم هذا النهج كتفاً إلى كتف مع كل الشرفاء في جهاز الدولة الذين مازالوا يتحسسون آلام الشعب.
دمشق 10/7/2014
حزب الإرادة الشعبية