كلمة الرفيق خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني
ألقاها الرفيق جميل صفية عضو اللجنة المركزية والعلاقات الخارجية في الحزب
الرفيقات والرفاق: كنت أتمنى أن أكون حاضراً معكم اليوم، لا للحديث، بل للاستماع إلى نقاشكم وأفكاركم التي أتوقعها متفاعلةً مبدعةً باتجاه صياغة مشروع وطني تقدمي، لا تنحصر مهامه بالشيوعيين السوريين على اختلاف فصائلهم، بل بشكل رئيسي صياغة مشروع للوطن، مشروع للشعب السوري، يطور من خلاله آليات الصمود الوطني لسورية، ويدافع عن الحقوق الاجتماعية للعمال ...
والفلاحين والمواطنين، ويدافع عن الاقتصاد الوطني، وكذلك مشروع لتطوير الحياة السياسية والحريات الفردية والعامة مما يدعم الخط الوطني لسورية ويدعم صمودها، في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العرب، وفي مواجهة المؤامرة الأميركية ـ الصهيونية التي تستهدف سورية وصمودها، كما تستهدف لبنان وشعبه وكذلك حقوق الشعب الفلسطيني، وتسعى لتمزيق الأمة كما فعل هذا المشروع في العراق ويتحضر له في السودان واليمن وغيرها.
الرفيقات والرفاق: إن مواجهة هذا المشروع، وهي تظهر التناقض الرئيسي لشعوبنا مع الإمبريالية ومشاريعها، ومع الصهيونية وما تستهدفه في منطقتنا، فإنه يشتمل أيضاً على مواجهة متوازية للبرجوازيات التابعة في بلداننا، والتي في محاولتها لتكريس هذا النمط الاقتصادي تضعِف مناعة أوطاننا وشعوبنا، وبالتالي تلتف على المكتسبات الاجتماعية والسياسية لهذه الشعوب، وهذا ما يضع أمام الشيوعيين مهمة مزدوجة بالظاهر، ولكنها في المضمون تؤكد وحدة التفاعل الجدلي بين وجهي الصراع الوطني والاجتماعي، ووحدة فهمنا لهذا الصراع. فبإضعاف الاقتصاد الوطني وضرب المكتسبات الاجتماعية لشعوبنا، تضعف دون شك الحصانة الوطنية والاستقلال الوطني والقدرة على مواجهة المشاريع الخارجية.
إن حزبنا الشيوعي اللبناني عندما أطلق جبهة المقاومة الوطنية لتحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي «جمول»، وريثة الحرس الشعبي وحركة الأنصار، والتي استشهد تحت لوائها المئات من الشيوعيين اللبنانيين، ومنهم رفاق عرب وسوريون، وكذلك آلاف الأسرى من مناضليها، عندما أطلق الحزب «جمول» وضع لها شعاراً ومهمة واضحة: هي أداة التحرير ورافعة التغيير الديمقراطي، وها هي الأحداث اليوم والتآمر على المقاومة اللبنانية من داخل النظام الطائفي نفسه، ومن داخل أطر الحكومات المتعاقبة المسماة حكومات الوحدة الوطنية، تؤكد أن لا إمكانية للحفاظ على ثقافة المقاومة ونهجها دون تغيير حقيقي في طبيعة النظام اللبناني، ودون نضال حقيقي من أجل مصالح الفقراء من شعبنا، وكل سياسات المساومة التي قايضت بالأمس بين المقاومة والاقتصاد، تحولت إلى خطر على المقاومة، وكذلك المحكمة الدولية التي تغاضى بعض المعارضة في لبنان عن خطرها، رغم تحذيرنا، تتحول إلى حبل يستعمله الخارج وبعض القوى السياسية المرتبطة، للفه حول عنق المقاومة، وكأداة لافتعال فتنة مذهبية تسهِّل للعدو الإسرائيلي عدوانه لضرب المقاومة وإخضاع الشعب اللبناني. كما استُعملت المحكمة نفسها لضرب العلاقات اللبنانية ـ السورية في مرحلة السنوات الخمس.
الرفيقات والرفاق: إن أخذ الشيوعيين واليسار لدورهم في عملية الصراع والمقاومة تنطلق من اعترافهم بالأزمة العميقة التي مروا بها، وانعكست عليهم فكراً وسياسة وتنظيماً، وإذا كانت التطورات الاقتصادية والسياسية في العالم اليوم، وتحديداً انفجار الأزمة البنيوية للرأسمالية، قد أفشلت شعارات منظري الرأسمالية ومعهم الملتحقين بها من بعض مفكري اليسار، فإن فشل الرأسمالية وقواها لا يعني بشكل أكيد نجاحنا، لا يكفي فشل الآخر لإعلان صحة مواقفنا، المطلوب منا أن نبادر إلى نهج هجومي في مستوى الفكر والسياسة والحراك الاجتماعي الاقتصادي، وبداية الطريق صياغة المشروع اليساري للتحرر الوطني والاجتماعي، الذي يفسح لليسار مكاناً في مواجهة المشروع الأميركي ـ الصهيوني، ليس بالتناقض مع المشاريع المواجِهة الأخرى، بل بالتمايز عنها من جهة، والتقاطع معها من جهة أخرى.
إن حزبنا دعم ويدعم وسيدعم ويواكب خطوات الشيوعيين السوريين، من أجل تنسيق خطواتهم باتجاه الوحدة. ونتمنى على مؤتمركم إعطاء دفع جديد للخطوات التي تحققت لتطويرها باتجاه أعلى درجات التنسيق على طريق توحيد الشيوعيين السوريين.
إن وحدة الشيوعيين السوريين قوة للموقف الوطني لسورية، وقوة لخيارها التقدمي، وليس موقعاً للمناقشة إلا على قاعدة تطوير هذا الخيار بوجهيه الوطني والاجتماعي