قانون العامل المحدد في الظواهر الطبيعية والظواهر الاجتماعية
في الطبيعة تجري ظاهرة التركيب الضوئي خارج إرادة البشر فهي ظاهرة موضوعية وهي الأساس لاستمرار الحياة على سطح كوكبنا لأنها العملية الحيوية الوحيدة التي تنتج الغذاء والأكسجين اللازم لاستمرار الحياة.
هذه الظاهرة الطبيعية لكي تجري لابد من توفر أربعة عوامل أو شروط وهي: الضوء– الكلوروفيل أو اليخضور– الماء– غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 وغياب أي من هذه العوامل يوقف العملية برمتها.
ولكن كما هو معلوم فالضوء والماء واليخضور متوفرة بكثرة في الطبيعة بينما غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 يتواجد بنسبة ضئيلة في الغلاف الجوي حيث لا تتعدى نسبته الوسطية 0. 3% لذلك يعتبر هذا العامل عاملاً محدداً للعملية برمتها حيث بحسب تبدلات تركيز هذا الغاز تنشط هذه العملية أو تتراجع. وهذا ما يدعى بقانون العامل المحدد في هذه الظاهرة الطبيعية.
- والثورة كظاهرة اجتماعية ينطبق عليها كذلك ما ينطبق على الظواهر الطبيعية فلها شروطها ولها عاملها المحدد كذلك.
ووصف ماركس الثورات «بقاطرات التاريخ» لما لها من دور في تغيير حياة البشر فالثورات حسب وصف ماركس تشق طريق البشرية إلى الأمام وتقودها من مرحلة تاريخية لتطور المجتمع إلى مرحلة أخرى لذلك فالثورة بمثابة «طفرة» في التطور الاجتماعي.
ويقول لينين بهذا الصدد في مؤلفه (نهاية الأممية الثانية) «لا يتبادر للماركسي شك في أن الثورة مستحيلة بدون وضع ثوري، علماً بأنه ليس كل وضع ثوري يؤدي إلى ثورة».
فما هي عوامل أو شروط هذه الظاهرة الاجتماعية «الثورة»
أولاً: العوامل الموضوعية:
ومنها أ) العوامل الداخلية ومنها ب) العوامل الخارجية
• العوامل الداخلية:
• عدم تمكن الطبقات المسيطرة من المحافظة على سيطرتها دون تغيير ونشوء أزمة سياسة الطبقة المسيطرة بمعنى عدم قدرة النظام السياسي القائم على الاستمرار بسياساته الاقتصادية– الاجتماعية وبالتالي نشوء أزمة سياسية داخل الطبقات المسيطرة.
• اشتداد حاجات ومصائب الطبقات المضطهدة والمنهوبة من الطبقات المسيطرة أكثر من المعتاد. بمعنى ازدياد حدة التناقضات الطبقية بين الطبقات الناهبة والطبقات المنهوبة وازدياد حدة التوترات الاجتماعية بشكل واضح وفاقع.
• ازدياد كبير بحكم الأسباب السابقة لنشاط الجماهير السياسي ويتجلى ذلك بالإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات مطالبةً بحقوقها
• العوامل الخارجية:
تعني وجود وضع دولي وإقليمي يسمح بقيام الثورة والتي من أهمها وجود أزمة في بنية النظام العالمي القائم كأزمة النظام الرأسمالي العالمي الحالية
ثانياً: العوامل الذاتية:
بالرغم من إشارة لينين الواضحة إلى وحدة الظروف الموضوعية والذاتية لانتصار الثورة، لابد لنا من التعرف إلى العوامل الذاتية وأهميتها كونها تلعب دور العامل المحدد بوجود العوامل أو الشروط الأخرى. فما هي العوامل الذاتية أو العامل الذاتي:
يقول لينين في مؤلفه (إفلاس الأممية الثانية) «إن الثورة لا يمكن أن تحدث إلا إذا أضيف التغيير الذاتي إلى التغيرات الموضوعية، أي عندما تضاف إليها قدرة الطبقات المضطهدة على الأعمال الثورية الجماهيرية بقدر يكفي لتحطيم الحكومة القديمة» وهنا يجري الحديث جوهرياً عن الذات الفاعلة للثورة عن عاملها المحدد، ويجب أن يكون واضحاً أنه عندما يجري الحديث عن هذه الذات الفاعلة لا يجري الحديث عن مستوى تطور تلك الذات ولا عن درجة تنظيمها مع أنها أمور في منتهى الأهمية إنما يجري الحديث «عن قدرة تلك الذات واستعدادها للعمل وتصميميها على النضال».
ولذلك نرى أن الظروف الذاتية للثورة أو العامل الذاتي بالمعنى الدقيق للكلمة هو إرادة وقدرة واستعداد وطموح الجماهير إلى النشاط الرامي إلى التحويل والتغيير الثوري.
وبذلك نكون قد أجملنا العوامل والشروط التي يجب توافرها لقيام الثورة كظاهرة اجتماعية حيث نلاحظ كما هي في الظواهر الطبيعية وجود العامل المحدد وهذا يؤكد على وحدانية القوانين الطبيعية والاجتماعية مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلاف في تجلي هذه القوانين في كل من المجتمع والطبيعة.