الطريق إلى اللاعنف
تشهد الأزمة السورية منذ أكثر من سنة ونصف مستويات متفاوتة من العنف والعنف المضاد، بلغت ذروتها في الشهر والنصف الأخيرين. علت خلال هذا التاريخ أصوات السوريين وصيحاتهم في مقابل أزيز الرصاص الكثيف والعنف المستشري، تراكمت الصيحات واشتدت وتكاثرت نتيجة لواقع يومي يزداد استعصاءً على المستوى الدولي والإقليمي والداخلي، حول حياة السوريين جحيماً لا يطاق..
اليوم تبلغ دعوات السلمية حدها الأقصى، ولكنها لا تلقى أذنا ً صاغية، فتضيع الكلمة بين رصاصتين متقابلتين لا غاية لهما سوى دمار سورية.. وهنا ينتصب سؤال: ما هو السبيل الأمثل للابتعاد عن العنف الذي تشهده البلاد؟؟ وهل يصلح إلقاء اللوم على هذا وذاك؟ وهل يمكن التمييز بين الفعل ورد الفعل ونحن في ظل دائرة العنف هذه؟ كيف يمكن التمييز بين المسلحين المرتزقة وبين من حملوا السلاح دفاعا ً عن أنفسهم ؟ وكيف وكيف وكيف..؟؟
كثير من الأسئلة المشروعة لكل مواطن سوري، ولكن شرعيتها لا تفضي إلى النتائج المرجوة من طارحيها، لأنها لا تذهب في كثير من الأحيان إلى معالجة جوهر المشكلة الأساسي.. فما هو اللب؟؟
دعونا نثر على الجميع لنقول إن الحامل الأساسي للعنف هو الشعار السياسي الإقصائي والمتطرف الذي يحوم بيننا، ونتجاهله، الشعار الذي خلق بدوره البيئة المناسبة لما نشهده من العنف اليومي، وعليه فالطريق السليم أو الوحيد إلى وقف دوامة العنف يفرض على مختلف قوى الشعب السوري مقاطعة الشعارات السابقة على شاكلة «إلى الأبد» و «إسقاط النظام» باعتبار أن هذا الاصطفاف، الحاد شكليا ً والفارغ من أية مضامين يتطلبها التغيير المنشود، هو البيئة المثلى لجميع القوى المتطرفة في كلا الطرفين والتي تتسلح منذ بداية الأزمة، والزاعمة بأنها المدافع الشرس عن الجماهير المصطفة وراء تلك الشعارات...
لذا فعلى كل دعاة السلمية وإيقاف العنف الذهاب بدعواتهم إلى عمق المشكلة، والانطلاق بدعواتهم من خلال الربط بين السبب والنتيجة، ومعالجة السبب الذي أوصل البلاد إلى وضعها الحالي، وإلا فإن دعواتهم ستظل إما ضربا ً من الخيال الجامح، أو نوعاً من المتاجرة بشعارات براقة يراد منها باطل، بما يشبه صك براءة ذمة إعلامية، وفي كلتا الحالتين سيستمر نزيف الدم. إن كل دعوة تذهب سدى ً تضيف إلى مثيلاتها سابقاً تكلفة إضافية، وأثراً تراكمياً من شأنه الإساءة إلى كرامة الوطن والمواطن، والبقاء رهينة لهذا الشعار المتطرف أو ذاك. لذا وجب الجهاد المقدس ضد السلاح..