افتتاحية قاسيون /العدد (490)/.. توضيح ضروري!
وردت إلى قاسيون بعض الاستفسارات حول افتتاحية العدد /490/ تاريخ 19 شباط 2011، والتي حملت عنوان «نحو إصلاح شامل وجذري».. ونظراً لكثرة الالتباسات التي تضمنتها هذه الاستفسارات نبيّن الآتي:
قبل كل شيء نود أن نوضح أنه إذا كانت افتتاحيات قاسيون موقعة من كاتبها (وهو تقليد جرى إحياؤه مجدداً) فإنها لا تعبر عن رأي كاتبها فقط، بل هي تمثل الرأي الرسمي للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، الذي تصيغه هيئة التحرير بعد النقاش المعمق لأية قضية تستوجب الطرح، بدءاً من تحديد فكرة المقال وبنيته التي تكلف أحد أعضائها بصياغته لتعود لإقراره بشكله المكتوب بشكل جماعي... أي بكلام آخر إذا كانت الافتتاحية هي نتاج جهد شخصي لأحد الرفاق من حيث الصياغة والكتابة، إلا أنها حتماً نتاج جهد جماعي من حيث تحديد فكرة المقال وبنيته وشكله النهائي.
أولاً: مقارنة الثورة المصرية بالثورة الروسية والإيرانية:
لقد جاء في الافتتاحية قيد النقاش حول الثورة المصرية ما يلي حرفياً: (... تاريخياً هي بلا مبالغة من التحركات الثورية القليلة التي أيقظت مجموع الجماهير وحركتها في اتجاه واحد، وهي في طاقتها المختزنة التي تفجرت شعبياً ستذكر دائماً إلى جنب ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى والثورة الإيرانية).
لقد أرادت هذه الفكرة أن تؤكد على شيء واحد فقط لا غير وهو اتساع القاعدة الجماهيرية للثورة المصرية حتى تكاد أن تشمل كل المصريين أو على الأقل أغلبيتهم الساحقة، وهو أمر قليل الحدوث في التاريخ. حدث مرتين في القرن العشرين، وذكرتهما الافتتاحية... وهذه المرة كانت الأولى في القرن الواحد والعشرين...
وهي بدقة العبارات التي اختارتها للتوصيف في هذا الاتجاه، أرادت أن تخرج من المقارنات حول طبيعة مهمات كل ثورة ودورها في تحديد مسار التاريخ العالمي...
أما حول طبيعة الثورة الإيرانية فلسنا متفقين مع الرأي القائل إنها طائفية فإذا كان شكلها دينياً، فهذا لا يعني بتاتاً أن جوهرها ليس شعبياً معادياً للامبريالية وخاصة الأمريكية والصهيونية ولتلك الشرائح الاجتماعية الداخلية المرتبطة بها اقتصادياً وسياسياً... أي أن جوهرها اجتماعي بامتياز... وهنا لابد من التذكير بما نصحنا أنجلز به حينما أكد أنها خلال التاريخ فإن الشكل الديني أو الطائفي للصراعات كان يخفي دائماً جوهراً اجتماعياً.
أما حول مآل الثورة المصرية فأنه مرتبط بالصراع اللاحق.. لذلك لابد من المراهنة حول الطبيعة الشعبية العميقة لها، التي لابد لها أن تعبر عن نفسها في مجرى الثورة اللاحق لكي تحل المهمات المنتصبة أمامها تباعاً.
ولا يغيب عن بالنا أن ثورة أكتوبر قد حضّرت لها ثورة شباط 1917، وأن الأخيرة قد حضّرت لها ثورة 1905 التي هُزمت.
لذلك لا يجوز برأينا إطلاق الإحكام النهائية حول مصيرها، ولكن عنوانها الرئيسي قد تم حسمه، وهو من أكبر وأهم الثورات الشعبية في التاريخ الحديث على الأقل.
ثانياً: حول الليبرالية الجديدة:
أفردت الافتتاحية لليبرالية الجديدة نصف مساحتها تقريباً.. وللتوضيح نقول:
تحدثنا عن الليبرالية الجديدة في سورية حصراً وتحديداً.
قصدنا أن نقول إن الفرق كمي وليس نوعي بالمقارنة مع الحالة المصرية في موضوع السياسات الاقتصادية الاجتماعية وما أنتجته من إفقار وبطالة وفساد... بينما هو نوعياً وليس كمياً في موضوع القضية الوطنية العامة.
كان القصد من وراء هذه المقارنة القول، والآن نقولها بشكل واضح، إن تغيير السياسات الاقتصادية -الاجتماعية في مصر كان غير ممكن دون تغيير النظام بسبب الإيغال في العمق بهذه السياسات... بينما تغيير هذه السياسات مازال حتى اللحظة ممكناً في سورية من ضمن النظام نفسه، وهي فرصة تاريخية، إذا فوتت فإنها على الأرجح لن تتكرر، لذلك أكدنا أن آجال الإصلاح غير مفتوحة زمنياً... وهي إذا فُوتت ستفتح المجال ضمن المتغيرات السريعة الجارية في المنطقة إلى الفوضى الخلاقة في سورية، وهو ما نخشاه ونحذر منه منذ زمن طويل، مؤكدين أن السياسات الاقتصادية الليبرالية كانت فخاً بعيد المدى هدفه إحداث خلخلة شديدة في المجتمع توصله بحال توفرت الظروف الداخلية والخارجية الإضافية الملائمة إلى حالة من الطنين، أي الانهيار.
أي بكلام آخر، فإن سورية المستهدفة بالمخططات الأمريكية الصهيونية ليست بحاجة إلى ذلك المستوى من الاحتقان الاجتماعي الذي تكون في مصر على مدى أربعين عاماً من السياسات الليبرالية الاقتصادية- الاجتماعية لكي يصار إلى تفجيرها من الداخل، أنها بمنسوب أقل قابلة للتفجيرات إذا ساعد على ذلك العامل الخارجي الذي يتسارع ضغطه اليوم...
إن موقفنا من السياسات الاقتصادية- الاجتماعية والفريق الاقتصادي في البلاد لم يكن موقفاً أيديولوجياً فقط كم يظن البعض، بل كان موقفاً وطنياً بعيد النظر هدفه حماية كرامة الوطن والمواطن.
هيئة تحرير قاسيون