الجلاء... وحزب الجلاء
رزح العالم العربي تحت نير الاحتلال العثماني حوالي أربعة قرون ،وفي القرن التاسع عشر، ومع تطور الرأسمالية وتعمق التزاحم بين دولها اشتد تطلع المستعمرين نحو الأراضي العربية، واحتل الانكليز والفرنسيون أجزاء هامة منها، وكذلك الإيطاليون، وتطلعت ألمانيا لاحتلال أجزاء أخرى
بدأ النضال التحرري ضد السيطرة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، واشتد في مطلع القرن العشرين، ولم تكد سورية تتحررفي أعقاب الحرب العالمية الأولى حتى وقعت فريسة الانتداب الفرنسي، ففي الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تفاوض العرب لإعلان ثورتهم على العثمانيين، وتتعهد لهم باستقلال بلادهم كانت تتآمر مع فرنسا على اقتسام بلادهم في اتفاقية «سايكس بيكو» السرية بينهما والتي كشفتها للشعوب مع غيرها من الاتفاقيات الاستعمارية ثورة العمال والفلاحين في روسيا السوفيتية، هذه الاتفاقية التي تضمنت تقسيم البلاد العربية في المشرق إلى خمس مناطق، ثم جاء وعد بلفور ومن ثم مؤتمر سان ريمو ليكمل مسلسل التآمر على هذه المنطقة، وقد كان رد السوريين واضحاً والتهبت المظاهرات في جميع أنحاء سورية، ثم دخل الجيش العربي إلى دمشق وقامت الحكومة العربية بين عامي 1918 و 1920 واستغل الحلفاء ظرف انتهاء الحرب العالمية الأولى فكشفوا عن أنيابهم واحتلوا الساحل وأنزلوا العلم العربي وابتكروا بدعة الانتداب، واجتمع المؤتمر السوري في 8 آذار 1920 وأعلن استقلال سورية بحدودها الطبيعية، وشكلت حكومة وطنية كان البطل يوسف العظمة وزيراً للحربية فيها، قررت الدفاع عن البلاد، وأعلنت التجنيد الإجباري، وشجعت الثورات ضد الفرنسيين المحتلين للمناطق الغربية، وجاء إنذار غورو في14 تموز وكانت ردة فعل السوريين برفض الإنذار، وجرت معركة ميسلون في 24 تموز، ودخل الجيش الفرنسي إلى دمشق، وجرى تعيين حاكم عسكري لسورية، وكمت الأفواه، وفرضت الضرائب واللغة الفرنسية، وجزئت البلاد إلى دويلات، واشتعلت الثورات الوطنية ثورة صالح العلي 1919-1921 في الساحل وثورة إبراهيم هنانو في جبل الزاوية وأحمد مريود وانتفاضة الجولان ومحاولة اغتيال غورو والثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش في جبل العرب والغوطة وباقي مناطق سورية تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع»، وتكللت تلك التضحيات المجيدة بجلاء المحتلين في17 نيسان 1946 بفضل نضال الشعب السوري بمختلف قواه الوطنية بما فيها حزبنا الشيوعي السوري الذي تأسس عشية الثورة السورية الكبرى في 28 تشرين الأول 1924 وكذلك الطبقة العاملة وفئات واسعة من البرجوازية الوطنية.
وفيما يلي بعض من بيان الحزب في يوم الجلاء:
أيها السوريون.. يا أبناء سورية الأباة الكرام...لنكن متضامنين متحدين في هذا اليوم المشهود في تاريخ نضالنا الوطني الذي يتوج مراحل شاقة طويلة في نضال وطننا لأجل الاستقلال والحرية، ولنجدد العهد بالسير إلى أمام لتحقيق جميع الآمال والأماني القومية التي زخرت بها قلوب شهدائنا في سبيل الاستقلال التام والديمقراطية الصحيحة الحرية الشاملة.
لنعلن في هذا اليوم تضامننا التام مع الشعب اللبناني الشقيق لتنفيذ الجلاء الكامل عن أراضيه، فبذلك وحده يصبح هذا الجلاء العسكري عن سورية جلاءً حقيقياً.. وليعلم الملأ أجمع أن الشعب السوري يشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن قضية الجلاء التام عن جميع البلاد العربية هي قضيته أيضاً، وأنه متضامن إلى النهاية مع الشعوب العربية الشقيقة في نضالها لأجل جلاء القوات العسرية الأجنبية عن أراضيها.
لنعلن عزمنا على متابعة النضال دون هوادة حتى لايبقى في بلادنا بعد زوال الاحتلال العسكري أي أثر للاحتلال المدني.
لنتحد في النضال ضد كل مظهر أو أثر للسيطرة الاستعمارية وللتدخل الأجنبي في شؤوننا الوطنية في جميع ميادين حياتنا السياسية والاقتصادية.
ليكن هذا اليوم التاريخي يوم اتحاد الشعب السوري في سبيل ممارسة حقه المعترف به دولياً في الاستقلال والسيادة، وفي سبيل صيانة استقلاله ونظامه الجمهوري من كل مؤامرة استعمارية صهيونية من كل مشروع استعماري رجعي مهما كان مصدره.
ليكن هذا اليوم يوم إعلان إرادة الشعب السوري في الاتحاد والنضال لأجل رفع التطويق الاقتصادي الاستعماري الذي يخنق تجارتنا وصناعتنا، ويسبب استمرار الغلاء وانتشار البطالة في بلادنا.
إلى الاتحاد في سبيل توطيد الديمقراطية وتعزيز الدستور واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم وتحقيق الاصلاحات التي يطلبها العمال والفلاحون وصغار التجار وجميع الكادحين وكل الشعب الذي يريد التخلص من البؤس والجهل والتأخر وأخطار البطالة، للسير في طريق التقدم والصحة والثقافة.
ليكن زوال الاحتلال العسكري فاتحة عهد جديد في حياة بلادنا,عهد الديمقراطية والحرية، عهد السير في طريق الازدهار والرقي.
عاش التضامن بين الشعوب العربية في سبيل جلاء جميع الجيوش الأجنبية عن جميع الأقطار العربية.
عاشت سورية جمهورية حرة ديمقراطية سعيدة.