تأميم شركات الخليوي ضرورة راهنة
يشكل قطاع الاتصالات أحد القطاعات الاقتصادية السيادية نظراً لريعيته العالية وتكاليفه المنخفضة وأهميته الأمنية والعسكرية، ويمكن لهذا القطاع أن يكون احتياطاً هاماً لاقتصادات البلدان في مراحل أزماتها الاقتصادية.
فعلى سبيل المثال، تصل الأرباح المعلنة لشركتي الخليوي في سورية إلى 16 مليار ليرة سورية سنوياً، في حين تبلغ الإيرادات السنوية لهما 80 مليار ليرة سورية، فإذا حسبنا أرباح عشر سنوات مضت لكان الناتج هو أرباح تزيد عن 150 مليار، وإيرادات تصل إلى 600 مليار ليرة سورية..
في ظل هذه الأرقام، وفي ظل احتكار الاستثمارات في قطاع الاتصالات الخليوية لأشخاص محددين، تصبح هذه المبالغ منهوبة فعلياً من الاقتصاد الوطني في الأحوال العادية، وهذا الأمر تحديداً كان أحد أسباب تزايد الاحتقان الشعبي الذي سبق انفجار الأزمة، فما بالك إذا كان الظرف هو ظرف أزمة شاملة سياسية واقتصادية- اجتماعية تحتاج إلى موارد باستمرار كي تسمح بتجاوزها!!
هنا يصبح تأميم شركات الخليوي وإعادة أرباحها ومواردها إلى الدولة ضرورة ليست اقتصادية فحسب، بل سياسية أيضا في معركة القضاء على الفساد الكبير الذي كان السبب الأساسي في انفجار الأزمة وتداعيات هذا الانفجار، ذلك الفساد الذي يقتطع أكثر من 30 % من الناتج المحلي الإجمالي. وينبغي اللجوء إلى هذا الإجراء بأسرع ما يمكن لإنعاش الاقتصاد الوطني الذي بدأ يعاني من أعراض السكتة القلبية، بدلاً من الزعم بأن جيوب الفقراء هي موارد حل الأزمة، واستخدام هذه الورقة للإساءة لقوى وطنية معارضة موجودة في الحكومة ووجودها لا يروق لقوى الفساد الكبير..