الجولان وثلاثية الأزمة..
لاشك أن «إسرائيل» سعت من خلال الهجوم مرتين على دمشق خلال الأزمة السورية إلى تحقيق أهداف مباشرة سياسية وعسكرية، منها إيصال رسالة إلى الشعب السوري بأن «إسرائيل» ستكون خطاً أحمر على أي طاولة للحوار وفي أي حل سياسي للأزمة السورية، أو كمحاولة إحداث إنجاز عسكري ما قد يغير ميزان القوى القائم
إلا أننا، وبعيداً عن أهداف حكومة الكيان الصهيوني، يجب أن نتعامل مع هذا العدوان كجزء لا يتجزأ من السبب المركب للأزمة السورية، السبب الذي تكون بفعل التراجع الناشئ على المستويات الثلاثة، الوطني والاقتصادي- الاجتماعي والديمقراطي، التي تترابط مع بعضها ترابطاً جدلياً بحيث أن أي تراجع في أحدها يقود إلى تراجع على المستويين الآخرين..
الترابط بين هذه القضايا الثلاث بدا واضحاً في خضم الأزمة السورية، فعلى سبيل المثال، سمح التوزيع غير العادل للثروة وانخفاض منسوب الحريات السياسية للقوى المعادية لسورية أن تمرر جزءاً من مخططاتها من خلال الأزمة في الداخل، أي أن التراجع على المستويين الاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي قاد إلى تراجع على المستوى الوطني. مثلما سمحت سياسات حكومة العطري- الدردري في وقت سابق- وهي سياسة كانت محابية للأغنياء وللاستثمارات القطرية والتركية- في وقت سابق إلى تدهور البلاد اقتصادياً واجتماعياً وإلى ظهور موجة العنف التي نعيشها اليوم..
وكما أن سبب الأزمة السورية يحمل طابعاً مركباً، فينبغي لحلها أيضاً أن يكون كذلك، بمعنى عليه أن يجري على المستويات الثلاثة المذكورة آنفاً، لذلك فإن النضال الوطني ضد الكيان الصهيوني هو جزء لا يتجزأ من حل الأزمة السورية، وأفضل أشكال هذا النضال هو إطلاق المقاومة الشعبية الشاملة لتحرير الأراضي المغتصبة وعلى رأسها الجولان المحتل..
لذلك لن يكفي حتى الرد على هجمات الكيان الصهيوني لتجاوز الأزمة، بل أن تجاوزها يتطلب الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وتثبيت المقاومة على الأرض حتى تحرير آخر شبر من الأرض العربية، وذلك في وقت ترتعد فيه فرائص دولة «إسرائيل» من الموجة الشعبية العارمة المعادية لها في المنطقة..