الإعلام والحرب الأهلية..
يرتفع منسوب الدّم السوري المراق، يفتك الحاقدون من كل الأطراف بالشعب السوري، يذكرنا موت ولي العهد بأن أكثر من نصف قنوات الديجيتال آل سعودية، على الأخص تلك التي (تحب) الشعب السوري، وتحبه على طريقتها الخاصة.. الطائفية.
يحذرنا العم سام بوجوهه ولغاته المتعددة من الحرب الأهلية التي بدأت وفقاً لرأيه، ويهدئ النظام من روعنا ويؤكد لنا أن وعي الشعب السوري أعلى وأرفع من أن يهوي إلى درك الطائفية، ويعيد علينا أسطوانة الوحدة الوطنية دون أن يكلف نفسه عناء مسح أكوام الغبار التي تراكمت فوقها..
إن من الواضح أن العم سام يريد لنا أن نقع في براثن الحرب الأهلية، وهو لذلك يستبقها ويصنّعها على عدة جبهات، فمن الدعم بالعدة والعديد عن طريق أمراء النفط تارةً، وتارة عبر مرتزقة مدربين من عيار Black Water، إلى الهستيريا اليومية الإعلامية.. ومن جهته فإن النظام يكتفي بالإصرار على حله الأمني البحت ويدفع كل يوم مئات وآلاف الناس لاحتضان فكرة التسلح، ويكتفي بالقول : (الشعب السوري واعٍ)..
إن للحرب الطائفية في بلد ما مقومات داخلية بغض النظر عن العوامل الخارجية وهذه المقومات يتوافر جزء لا بأس به منها في سورية: ( الفقر والتهميش وما ينتج عنهما من جهل وتخلف، الاحتقان السياسي المتراكم وعدم وجود مسارب صحية لذلك الاحتقان، الريعية الاقتصادية وما تحمله من صدمات لبنية المجتمع التقليدية..)، وتوفر هذه المقومات لا يعني أن الحرب الطائفية قائمة، كما لا يعني أنها يستحيل أن تقوم، إنها احتمال ممكن إذا أصرت الأطراف المختلفة على تعنتها، فإذا كان إلقاء اللوم على أتباع العم سام أمراً لا بد منه ولكن لا طائل منه في الوقت عينه، فإن الأجدى هو إلقاء اللوم على النظام وتحديداً على الوطنيين الذين داخله، والذي أثبتت الأحداث أنهم كثر عددياً ولكنهم ضعاف القوة والتأثير، حتى هذه اللحظة..
الخروج بالبلاد من احتمالات حرب طائفية يتطلب المضي نحو الحل السياسي بأسرع ما يمكن، الحل الذي يتعامل معه النظام حتى اليوم على أنه أمر شكلي يجب عليه أن يؤديه لمواجهة الخارج، وإن كان في ذلك المنطق شيء من الصحة كدبلوماسية في مواجهة العدو، فإنه يفقد معناه حين يصبح شكلياً على الشعب.. فهل إصلاح ذاك الذي لم يستطع حتى اللحظة محاسبة أي من الفاسدين الكبار الذين تتكدس ملفاتهم الضخمة في هيئة الرقابة والتفتيش بانتظار قرار سياسي؟؟ وهل يمكن الوقوف إلى جانب الشعب ومغازلة التجار الكبار في آنٍ معاً؟!..
إن المستفيد من الذهاب نحو الطائفية هم فاسدو النظام جنباً إلى جنب مع أبناء العم سام، ولعل أمراء الطوائف بدؤوا يطلون برؤوسهم، ومنهم من تكبد عناء السفر من لبنان إلى سورية ليعلن نفسه أميراً للطائفة.. أياً كانت الزاوية التي نرى منها الوضع السوري فإن وحدة المظلومين والمنهوبين والمضطهدين ضد الفاسدين والناهبين هي الطريق الوحيد لسورية الجديدة..