ألغام في طريقها إلى الانفجار..
يستعصي يوماً بعد آخر خيار التدخل العسكري الغربي المباشر في سورية، ويدلل على استعصاء هذا الخيار مراوحة الجامعة العربية في المكان بعد وصولها إلى سقف ما تستطيع فعله ضد سورية، وترحيل الملف جزئياً إلى منظمة المؤتمر الإسلامي بحثاً عن غطاء لدور تركي أكثر شراسة بعيداً عن غطاء الناتو الذي ما يزال قلقاً تجاه التدخل ومصراً عليهبأيدي الآخرين، إضافةً إلى ثبات الموقف الروسي - الصيني واستقطاب مواقف دول أخرى مثل البرازيل والهند..
الأمر الذي لا يعني البتة غياب شبح التدخل العسكري في منطقتنا، إلا أنه يدّور الزوايا ويضع إيران بدلاً عن سورية دريئةً للهجوم القادم الذي بدأت مؤشراته بالتعاظم يوماً بعد آخر، وضمن منطق تدوير زوايا المصلحة الأمريكية - الأوروبية فإنسورية لم تخرج من المذبح، ولكنها ذهبت نحو سيناريو آخر، ملامحه الأساسية هي تسريع عملية التفتيت من الداخل، وذلك بشرعنة العمل المسلح تحت مسمى «الجيش الحر» ودعمه وتفعيله في كل المناطق السورية وبأوسع امتداد ممكن، الأمر الذي، وللأسف، رأيناه وسنراه عياناً وبوضوح أكبر في الأيام والأسابيع القادمة..
يضاف إلى الوسائل السابقة المعروفة في التفتيت الداخلي، تفعيل الاختراقات الموجودة داخل النظام السوري، تلك الاختراقات التي مهدت الأرضية المناسبة للأزمة في سورية على مدى السنوات الماضية من فتح الاقتصاد السوري، واستكملت دورها من خلال تبني الحل الأمني والإصرار عليه دون فسح أي مجال لنفوذ إصلاحات حقيقية إلى الحياة السورية، ومايدعم الرأي القائل بأن الألغام الموجودة داخل بنية النظام السوري آيلة إلى الانفجار القريب، هو حقيقة أن الحصار الاقتصادي المفروض على سورية والذي سيزداد في الأسابيع القادمة، سيحصر هؤلاء في الزاوية، وسيضعهم قبالة الشعب السوري الذي سيضطر إلى العودة نحو الموارد الداخلية كمنفذ وحيد من حصار خانق، ولذا فإن المصلحة الشخصية لهؤلاءتلتقي اليوم مع مصلحة أسيادهم الخارجيين لدرجة الوحدة في المصير، وعليه فإنهم سيحاولون التسريع بعملية سقوط جهاز الدولة السوري، لكي يعودوا إلى السلطة من الشباك الأمريكي، وسيبذلون كل ما في مخزونهم من دناءات طائفية وقومية لكي يحترب الشارع السوري ويدمى، وربما يرتبون لانقسامات كبرى داخل جهاز الدولة لكي يصبحوا «ثواراً»،ومؤشرات ذلك قدمها لنا كل من الدردري ونبراس الفاضل وبسام جعارة وعبد الحليم خدام ورفعت الأسد... الذين كانوا جزءاً من النظام وغدوا الآن ثواراً لا يشق لتصريحاتهم النارية غبار، ورأينا ذلك قبلاً وبعداً في أمثال مصطفى عبد الناتو الليبي - الأمريكاني الذي كان جزءاً من نظام القذافي وغدا الآن الأب الروحي للنظام الجديد.. كل هذا يضع جميعالسوريين الشرفاء خارج وداخل جهاز الدولة، وتحديداً أولئك الذين داخل جهاز الدولة، أمام مسؤولية تاريخية كبرى هي التطهر من رموز الفساد الكبير، وتنظيف جهاز الدولة السوري من الألغام الكبرى داخله، وذلك قبل أن تنفجر بالنظام وبسورية معه..