المقاومة الشعبية الشاملة الطريق الوحيد لتحرير الجولان

المقاومة الشعبية الشاملة الطريق الوحيد لتحرير الجولان

القضية الوطنية عند الشعب السوري قضية جذورها عميقة، لايمكن اقتلاعها أو خلخلتها، وهي قضية جامعة للشعب السوري لعبت دوراً مهماً في تعزيز وحدته الوطنية، وترسيخها باعتبارها الأداة الأولى والأخيرة في مواجهة القوى الاستعمارية التي مرَت على سورية منذ الاستعمار العثماني الذي دام ما يقارب الأربعة قرون، 

والذي لم يستطع خلالها أن يجعل الشعب السوري مطواعاَ، وخانعاَ تجاه وجود العثمانيين كمحتلين بالرغم من كل أشكال الاستبداد، والقمع، والقهر الذي تميز بهم الاستعمار العثماني خلال وجوده الطويل كمستعمر حيث، خاضت القوى الوطنية المتنورة الرافضة لهذا الاستعمار شكلاَ، ومضموناَ المعارك، وقادت عبرها الحركات الشعبية في المناطق السورية المختلفة، وأشهرها على ما اصطلح عليه باسم«حركة العوام»، وكان مركزها في حلب، ودمشق، وفي الأخيرة استطاعت الحركة الشعبية أن تحتل قلعة دمشق، وتطرد حاميتها، وتقيم حكومتها المستقلة التي لم تستمر طويلاَ بسبب تواطؤ العديد من«البشاوات»المتنفذين، والمرتبطة مصالحهم باستمرار وجود المستعمر جاثياَ على التراب الوطني، وهذه حال كل الخونة، والعملاء للمستعمر الذين يلفظهم الشعب المقاوم، ويلقي بهم إلى مزبلة التاريخ التي هي المستقر الأخير لهم مهما حاولوا التلون لاحقاَ بألوان كالحة الهدف منها استمرار مصالحهم، ونفوذهم، وإن بأشكال أخرى.

 المقاومة الشعبية هي من حقق الاستقلال

إن التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوري في مقاومته للاستعمار العثماني كانت بمثابة تجربة هامه، إضافة لتجاربه التي اختزنها في وجدانه، وهي بمثابة القاعدة التي انطلق منها في تطوير ادواتة، وأشكال نضاله اللاحق في مقاومة الاستعمار الفرنسي الذي حل محل العثمانيين وفقاَ لاتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة بين القوى الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، فكانت سورية من نصيب الاستعمار الفرنسي الذي لم يدخلها كما يشتهي دون مقاومة، بل جرت مقاومته في معركة ميسلون بقيادة القائد الوطني يوسف العظمة، واستشهد فيها مئات الوطنين الذين قاتلوا ببسالة نادرة بالرغم من علمهم المسبق بميزان القوى العسكري المختل لصالح المستعمر، ولكن الوطن، والدفاع عنه لا يقاس با لإمكانيات الذاتية فقط التي يملكها المقاومون من عتاد لايوازي ما يملكه العدو، بل القضية متعلقة بإرادة المواجهة، والقتال التي ستؤسس للأجيال القادمة بأن الوطن لا مساومة علية، وتصبح المقاومة فرض عين على كل سوري وطني لا يقبل بأن تداس أرض الوطن من مستعمر مهما كانت التضحيات في مواجهته، وهذا ما أثبتته معارك الاستقلال في كل مراحلها حتى جلاء المستعمر الفرنسي عن كامل التراب الوطني، حيث أثبتت معارك الاستقلال تجذر الموقف الوطني عند الشعب السوري بكل مكوناته الطائفية، والقومية، وهم شركاء في انجاز الاستقلال عن المستعمر الذي حاول كثيراَ اللعب على القضية الطائفية، والقومية، ولكنة لم يفلح في تقسيم الشعب السوري على هذا الأساس مع العلم بأن الإغراءات التي قدمها بإنشاء دويلات طائفية لم تنجح، وانتصرت إرادة الشعب السوري في الحفاظ على وحدته الوطنية التي هي العامل الحاسم في المقاومة، والمواجهة، والحفاظ على وحدة البلاد أرضاَ وشعباَ، وهذا كان بالضد من إرادة الذين جروا عربة غورو انطلاقاَ من مصالحهم الخاصة المرتبطة بوجود المستعمر، وبقاءه.

إن تجارب الشعوب التي خاضت معاركها من أجل التحرر، والاستقلال الوطني تؤكد على قضية غاية في الأهمية، وهو تلازم إرادة المقاومة مع مستوى من التنظيم، والوعي السياسي با لأهداف الأساسية التي على الشعب انجازها، وتحقيقها مع توفر عامل إقليمي ودولي يساعد، وتمثل هذا بوجود الاتحاد السوفيتي الذي قدم الدعم المادي والسياسي وقام بفضح الاتفاقيات الاستعمارية، وما كان ليتحقق الاستقلال في بلادنا لو لم تكن كل العناصر تلك محققة.

الحركة الصهيونية

رأس حربة متقدمة للامبريالية

اليوم، ونحن نواجه استعماراَ استيطاني من نوع جديد مختلف متمثل بالحركة الصهيونية، وهي رأس حربة متقدمة للامبريالية لتنفيذ مشاريعها القديمة الجديدة للامبريالية مستفيدةَ إلى حد بعيد من طبيعة الأنظمة الرخوة تجاه الإمبريالية، ومشاريعها، والمتشددة تجاه شعوبها من حيث مستوى الحريات السياسية، والعمل السياسي المستقل عن هيمنة الحكومات، التي حكمت ما بعد مرحلة الاستقلال مما أفقد القوى الوطنية، والجماهير من إمكانية تنظيم نفسها، وجعل الحراك المقاوم للوجود الصهيوني مرتبطاَ بما ترسمه الحكومات، وخاضعاَ لمستوى العداء المتفاوت الشدة مع الإمبريالية لهذا كان الصراع مع العدو الصهيوني محكوم لموازين القوى المحلية، والعالمية فقط، وليس محكوماَ لدرجة التحضير، والاستعداد لخوض الصراع مع العدو الصهيوني، الذي يحتاج كما بينت تطورات الصراع، إلى مستوى من التحضير السياسي، والتعبوي الذي له علاقة مباشره بالحريات السياسية، والديمقراطية التي تنظم الطاقات الشعبية وتوجهها باتجاه الهدف، وهو تحرير الأراضي المحتلة من العدو الصهيوني، وهو خيار الشعب السوري الذي تغاضى عن الكثير من حقوقه وقبل بمستوى معيشي متدني انطلاقاَ من الموقف الوطني المتجذر ضد كل أشكال الاستعمار.

إستراتيجية العدو في الجولان

إن العدو الصهيوني قد بنا استراتيجيتة الاستعمارية على أساس البقاء الدائم في الأراضي التي احتلها، ولهذا، ومن اللحظة الأولى التي دنس بها جولاننا الحبيب باشر في صنع مرتكزاتة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وذلك ببناء المستوطنات على الأراضي المصادرة، وفي القرى والبلدات والمزارع التي هجر أصحابها منها قسراَ مقيماَ مشاريع الصناعات العسكرية المتخصصة، والمشاريع الصناعية والزراعية والسياحية مستفيداَ من الطبيعة الجميلة والغنية با لمياه الطبيعية والكبريتية، يقول شارون بهذا الخصوص«سنواصل خلق الوقائع على الأرض من خلال توسيع الاستيطان في الجولان والأراضي المحتلة الأخرى»وأضاف أثناء زيارته لهضبة الجولان بمناسبة تدشين مركز الدراسات واصفاَ الاستيطان في الجولان بأنه:«من أجمل الإنجازات والنجاحات في تاريخ الصهيونية»وعلى هذا الأساس فقد بنا العدو الصهيوني منذ اللحظات الأولى ثلاث مستوطنات رئيسية كبرى تتبع لها التجمعات الاستيطانية في الجولان هي:مستوطنة كاتسرين، وحنفين، وبني يهودا بالإضافة إلى اللجان المسؤلة عن القضايا الاقتصادية والإدارية والعسكرية في الجولان وعددها ست لجان.

المقاومة الشعبية طريق التحرير

إن هزيمة عام«1967»قد غيرت الكثير من المفاهيم، حول قدرة الأنظمة على إمكانية مواجهة العدو الصهيوني بالرغم من الشعارات الكثيرة التي رفعت بعد الهزيمة والتي تؤكد على أن العدو لم يحقق أهدافه بهزيمة الأنظمة «التقدمية»حيث هي المقصودة من هذه الحرب، وأنها ستستمر في مواجهة العدو، وذلك من خلال حصولها على السلاح المتطور، ولكن هذه الأنظمة نسيت أو تناست أن السلاح دون أرادة القتال المستندة على طاقات الشعب لايمكن أن تحقق نصراَ حقيقياَ، خاصةَ، وأن العدو مدعوماَ حتى النخاع من الإمبريالية العالمية، وعلى رأسها الأمريكية، فإرادة العدو بتحقيق أهدافه لابد أن يقابلها حق المقاومة المستندة لإرادة الشعب التي لاتقهر مهما تسلح العدو بالأسلحة المتطورة، والفتاكة، ومهما خلق على الأرض من أدوات تدل على استمرارية بقائه الأبدي كما يزعم، ويشيع عبر وسائل الأعلام العالمية التي يمتلك معظمها أويسيطر على قسم هام منها، ليعزز حالة اليأس والإحباط التي أوصلته لها الأنظمة بسلوكها وممارساتها المختلفة ابتداء بأهانتة بلقمة عيشه، وليس انتهاء بحرية كلمت المصادرة.

إن تحرير الجولان لابد أن يمر عبر ضرب قوى الفساد الكبير الذي هو الخاصرة المفتوحة في الجسد السوري لصالح قوى العدوان الخارجي، ولابد أيضاَ أن يمر عبر الحريات السياسية غير المنقوصة للشعب السوري، وأن يعيش عيشة كريمة تشعره بأنه مواطن له حق به، وعلية واجب الدفاع عنه من خلال حقه في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال مجسداَ ذلك بشعار المقاومة الشعبية الشاملة، ولا طريق أخر للتحرير.