«كسب» وما حولها..

«كسب» وما حولها..

شهد الأسبوع الفائت تصعيداً جديداً على خط الأزمة السورية متمثلاً بدخول مجموعات مسلحة إلى منطقة كسب مدعومةً من الجيش التركي في عدوان وقح على السيادة السورية. وأتى ذلك بعد ضخ إعلامي موسع عما سمي بـ«معركة الجنوب»، بالتوازي مع وضع العراقيل المتكررة أمام انعقاد الجولة الثالثة من «جنيف-2» ليشير ذلك برمته إلى مجموعة من الأمور:

أولاً، لا تزال أطرافٌ إقليميةٌ متعددة تحاول إطالة الصراع الدامي في سورية لرفع مستوى الاستنزاف والتدمير الداخلي، ولا تزال تفكر إما بـ«الإسقاط» أو بتعديل قسري لميزان القوى الميداني، متجاهلةً أو غير واعيةٍ لضرورة الحل السياسي الذي لا بديل موضوعياً عنه. وهي المحاولات التي يظهرها السلوك العدواني للحكومة التركية، ومضمون الكلام التحريضي- الذي لا يقل عدوانية- الصادر عن السعودية في مؤتمر القمة العربية الأخير.
ثانياً، إنّ محاولات تنفيذ طروحات «تعديل ميزان القوى» تعني رفع درجة الصراع الجاري إلى مستوى جديد، وإضافة أبعاد إقليمية جديدة ومباشرة إليه، بما ينذر بدرجة أعلى من التدويل، وبما يهدد في الوقت نفسه بانتقال هذا الصراع وامتداده إلى داخل دول إقليمية جديدة، كما هي الحال مع تركيا هذه المرة، الأمر الذي يدخل ضمن الرؤية التفتيتية الأمريكية التي لا تستثني أية دولة من دول المنطقة، حليفة كانت أم عدوة.
ثالثاً، إنّ اختيار تركيا لزجها في هذه المعمعة، ولتحضيرها باتجاه التفجير الداخلي، ينطلق من اعتبارين: الأول، أنّ زيادة الضغط على سورية من جهة الجنوب ومحاولة تحقيق «تعديل لميزان القوى» من هناك، سيهدد بنهاية المطاف حليفة واشنطن الصهيونية التقليدية في المنطقة (الكيان الإسرائيلي)، ولا يعني هذا نفي احتمالات معارك من هذه الجهة، وإنما يضعها في إطار التعقيدات الكبرى الناجمة عنها، وتحديداً في قدرة معركة مباشرة مع العدو الصهيوني على تصويب الاصطفافات داخل الشعب السوري وتهميش كل انقساماته الثانوية، الأمر الذي لا يصب البتة في مخططات الفوضى الأمريكية التقسيمية. أما الاعتبار الثاني فهو محاولة «واشنطن» الاستفادة استراتيجياً من أي تفجير جدي بتركيا يشعل الفتيل الإقليمي، ليس في الضغط على المعادلة السورية فقط، وإنما في محاولة الضغط على النطاق الجيوسياسي الروسي في إطار الصراع المحتدم بين الطرفين حول الترجمة السياسية للتوازن الدولي المتشكل.
إنّ إدامة الاشتباك والأزمة في سورية، ومحاولات مدهما إلى حدود إقليمية واسعة باستخدام قوى الفاشية الجديدة المدعومة من الإدارة الأمريكية وحلفائها، هي ممارسات لا تخرج بمجملها عن إطار رفض هذه القوى لحقيقة تراجعها الذي يتكرس يوماً بعد آخر على الخارطة العالمية، وهي محاولات حظوظها في النجاح ضعيفة، ولكنها في الوقت ذاته شديدة الخطورة على سورية، وعلى المنطقة برمتها، وعلى العالم ككل، مما يستدعي مواجهتها بكل الوسائل والسبل.
إن حزب الإرادة الشعبية، وكما جاء في متن تصريحه الصادر بتاريخ 24/3/2014 يجدد وقوفه إلى جانب الجيش العربي السوري في الدفاع عن السيادة الوطنية ضد التدخل التركي المباشر وغير المباشر، ويجدد دعوته في الوقت ذاته إلى حل سياسي بين السوريين، عبر الحوار والمصالحة الوطنية، وصولاً إلى حق الشعب السوري في التغيير الوطني الديمقراطي السلمي الجذري والشامل.