شيوعي قديم يتذكر
في عهد الوحدة السورية المصرية 1958 ــ 1961، الذي كان يسود فيه حكم القمع والإرهاب المباحثي على حياة شعبنا، إلى درجة أن المواطن كان يخشى أن يجاهر بإدانة جرائم الحكم أمام أقرب الناس إليه لكثرة ما جرى استزلام مخبرين نساء أكثر من الرجال، خوفاً من أن يشي به أحدهم،
ويتعرض للاعتقال الكيفي والتعذيب الجسدي الذي قد يؤدي به إلى التصفية الجسدية.. في ذلك العهد انتشر نبأ استشهاد الرفاق المناضلين سعيد الدروبي ومحي الدين فليون والقائد الشيوعي البارز فرج الله الحلو تحت التعذيب، ودرءاً لتأثير هذه الاستشهادات الأليمة على عزائم ومعنويات الرفاق الكوادر، الملاحقين خاصة، استغللناها لنجعل منها عاملاً في تصليب الصمود وتشديد النضال لديهم، فعممنا أمثلة كثيرة من صمود وتضحيات رفاق من أحزاب شيوعية عالمية، كيف كانوا يواجهون الموت بشموخ يتعالى على وحشية الجلادين وأسياطهم، من أجل أن يعززوا نضال أحزابهم ضد حكم الجور والطغيان ويساهموا في تقويضه.
كنا نردد قول الرفيق يوسف سليمان (فهد) قائد الحزب الشيوعي العراقي قبل إعدامه: «الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من المشانق»، وفي الوقت نفسه كنا نشيد بإكبار صمود رفاقنا الأبطال في سجن المزة الذين كانت سياط الجلادين تتمزق على صلابتهم وصمودهم، من أجل رفع راية حزبنا المناضل الوطني والطبقي عالياً في سماء سورية، وفجر ذكرى الشهداء الأبرار الخالدين الذين يشكلون مثالاً رائعاً للتضحية والفداء، في سبيل الأهداف النبيلة التي يناضل حزبنا من أجلها، لذلك هم أحياء خالدون في ذاكرة وضمير شعبنا وحزبنا، أما الذين يتخاذلون وينهارون ويعترفون على رفاقهم ومسؤوليهم، فإنهم أحياء جسدياً لكنهم أموات من حيث السمعة والاحترام والثقة بهم، ويحملون هذا العار طول حياتهم.