مؤتمر جنيف.. وتكامل المهام!
بغض النظر عن المواقف المختلفة من مؤتمر جنيف، فإن العناوين الأساسية له بات متوافقاً عليها وهي وقف التدخل الخارجي، إيقاف العنف، وإطلاق العملية السياسية وإن كان كل طرف يفسر هذه المهام من موقعه، وعلاقاته الإقليمية والدولية، وحسب مصالحه، أي أن الخلافات التي تظهر حوله، تدور حول التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان كما يقال، وحول المآلات التي يجب أن يفضي إليها المؤتمر، بعد أن حدث شبه إجماع على ضرورة انعقاده..
بعيداً عن الغايات الضمنية لهذا الطرف أو ذاك، ينبغي الانطلاق من حقيقة أساسية بات يعرفها كل من يمتلك بصيرة، وهي أن المهام الثلاث هي كل متكامل، وأن التركيز على إحداها وتجاهل الأخرى إنما هو عملياً نسف للمهمات الثلاث.... لماذا؟
لايمكن الحديث عن إطلاق العملية السياسية في سورية، دون توفير المناخ المناسب، ولايمكن توفير المناخ المناسب، دون الحد – على الأقل - من العنف، وهذا الأخير لايمكن تحقيقه دون ايقاف التدخل الخارجي، كما أنه لا معنى للحديث عن إيقاف التدخل الخارجي وحده، فهو شرط ضروري وأساسي ولكنه غير كاف، لأنه يحمل في طياته مخاطر العودة إلى المربع الأول في ظل توازن القوى واستمرار أوهام الحسم والإسقاط..
إن الإنطلاق من أن المهام الثلاث هي مهمة واحدة بالأساس، ولها وظيفة محددة في نهاية المطاف، وهي الحل السياسي للأزمة السورية، يشرّع الباب على إيجاد نقاط التقاء، وتقاطع في المواقف بين الفرقاء، فرضه ويفرضه الواقع الموضوعي،.
لا شك أنه كان من الأفضل أن تكون العملية سورية – سورية دون تدخل من أحد، وتكون على أرض سورية، ولكن تطورات الأزمة ورؤية القوى المتصارعة لإمكاناتها، والفرص الافتراضية المتوفرة لها لحسم الموقف لمصلحتها قادت الأزمة إلى التدويل، لدرجة أنه لايمكن أن ينطلق الحل السياسي دون رعاية دولية، الأمر الذي يبدو أنه انتقاص من السيادة الوطنية من الناحية الشكلية، ولكن التوازن الدولي الراهن عدا عن أنه منع تكرار السيناريو الليبي والعراقي، إذا أحسن السوريون الاستفادة منه، والتقاط اللحظة التاريخية لمصلحة وحدة بلادهم وتقدم شعبهم يمكن أن تكون عامل لجم للتدخل الخارجي من كل مصادره.