الاقتصاد السياسي للأزمة السعودية..!
ما الذي يجري في السعودية؟ وإلى أين سيصل التوتر اللافت بين السعودية وإيران؟ فيما يلي بعض الإجابات الأولية...
لا يمكن تحليل أي حدث في عالم اليوم، خارج مفاعيل الأزمة الرأسمالية، وخصوصاً حدث بهذا المستوى، وتحديداً في بلدٍ كالسعودية، كانت وما زالت ذات دور وظيفي رئيسي، استناداً إلى وزنها النفطي مرة، ومكانتها الدينية مرة أخرى، أو الاثنتين معاً كلما تطلب الأمر.
وفي هذا السياق، فإن ما يقوم به «الاصلاحي» محمد بن سلمان، هو ليس مجرد صراع على السلطة، ولا يقتصر على خلافات بين أبناء العائلة المالكة، ولا هو إجراء سعودي محض، بل هو عملية «سلبطة مباشرة» من قبل المراكز الرأسمالية الغربية على الثروة المتراكمة في بلدان الأطراف، والسعودية أهمها كما هو معروف، صحيح أن هذه السلبطة ليست وليدة اللحظة، وكانت عملية جارية على مدى العقود السابقة، لكنها كانت تجري بطرقٍ غير مباشرة، عبر التحكم البنكي، وتمويل الحروب، وصفقات السلاح غير المبررة، ومستوى الاستهلاك الترفي، لكنها وكما يبدو، ومع تعمق الأزمة في المراكز، والتوقعات بتفجر موجة جديدة منها قريباً، يتطلب الأمر الامتلاك المباشر للثروة، عبر «السلبطة» المباشرة وعلى طريقة قطاع الطرق واللصوص التقليديين، وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتقزيم وتحجيم لأعداد الوكلاء المحليين وأدوارهم، وبلغة الاقتصاد: فإن ما يجري هي عملية تمركز وتركز جديدان وقسريان للثروة في ظروف الأزمة الرأسمالية العظمى، كسمة ملازمة لكل الأزمات الرأسمالية تاريخياً.
تتزامن «محاربة الفساد» السعودية، مع توتير متصاعد مع إيران، تحت ذريعة سقوط صاروخ إيراني أطلقه الحوثيون، على العاصمة الرياض، والتلويح العلني بالحرب، واللافت أن هذا التصعيد بدوره تزامن مع إعلان إيراني، بالتخلي عن الدولار في المبادلات التجارية، وبغض النظر عن السيناريو المرسوم لهذا التوتير القديم - الجديد، فإنه بحد ذاته استكمال لنفس العملية، عملية امتلاك الثروة، وإيجاد البيئة والمناخ اللازم لإيصالها إلى خواتيمها، ولكن المتابع للمحاولات الأمريكية في التوتير خلال السنوات الأخيرة، يلاحظ بأنها لم تفلح في واحدة منها، وبقي السياق العام للولايات المتحدة هو التراجع عن التحكم بالقرار الدولي، وعليه، ورغم كل جعجعة وسائل الإعلام عن حرب وشيكة، «نغامر» ونقول، لن تستطيع الولايات المتحدة، فتح جبهات جديدة، وكل ما تستطيع فعله الآن هو، توريط بعض النخب السعودية، ودفعها إلى توتير الوضع الإقليمي، بما يسمح لها بالاستثمار في الظرف الناشىء، ومحاولة لترقيع ثقب الأزمة الأسود، عبر شفط الثروة، وتأخير طرد الدولار من السوق.