الرأسمالية المتوحشة والتكفيريين
ورد في مشروع البرنامج للمؤتمر الحادي عشر لحزب الإرادة الشعبية في ما يتعلق بالرؤية (ينتصر في نهاية المطاف من ينتصر معرفيا)، ولذلك كان لزاما على حزب الإرادة الشعبية أن يعيد قراءة الحركة الثورية خلال القرن العشرين في ضوء النظرية الماركسية واللينينية وبناء على ذلك أرى :
إن أدق تعريف للسياسة هو تعريف لينين «إن السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد» وماذا يعني الاقتصاد حسب الاقتصاد السياسي يعني علاقات الإنتاج يعني علاقات الملكية يعني مصلحة اجتماعية والمصلحة الاجتماعية تعبير عن هذه الشريحة أو تلك في المجتمع.
في العالم الثالث يتبين أن الرأسماليات متوحشة فهي لاتملك تجربة أو خبرة ودرجة ضبطها في المجتمع ضعيفة، وبالتالي تفلت من عقالها وتولد نتيجة سلوكها حالة رفض وطاقة سلبية هائلة، وتؤدي في العالم الثالث وبدولة مثل سورية إلى توليد التكفيريين الذين يمثلون بكتلتهم الأساسية المهمشين في المجتمع نتيجة ارتفاع نسب الفقر والبطالة والجهل فيصبحون لقمة سائغة لتيارات ظلامية. فالليبرالية الاقتصادية التي أنجبت في الغرب ليبرالية سياسية فإنها في دول العالم الثالث وبالتجربة الحسية لا تنجب إلا التطرف السياسي. من هنا فالليبرالية الاقتصادية في العالم الثالث هي تفتيتية وخطيرة على المجتمعات، وتفكك جهاز الدولة الذي عليه أن يلعب دوراً في توحيد الكيان ويحافظ على علاقة طبيعية مع المجتمع، وآلية تفتيت سورية هي الطائفية على المستوى الاجتماعي، والليبرالية على المستوى الاقتصادي التي تفتت جهاز الدولة.
أعتقد أن الناس بشكل موضوعي ضد الرأسمالية، حيث لو قلنا لهم بأننا سنجعل مستوى الفقر والبطالة صغيراً، وسنؤمن لهم الكهرباء والماء والطبابة وسنمنع التفاوت في توزيع الثروة فسيقبل المواطن مهما كان انتماؤه السياسي.
وبمقارنة بسيطة على مستوى العالم، من حيث شكل توزيع الثروة لوجدنا أن 90% من سكان الكرة الأرضية يحصلون على 15%من ثروة الكرة الأرضية وبالمقابل فان 10% من السكان يحصلون على 85% من ثروات الأرض، فكيف يمكن حل هذه المعادلة الاجتماعية؟!.
لذلك أقول الاشتراكية تطرق الأبواب وما على الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم إلا أن يعاجلوا الرأسمالية المتداعية، وهي في لحظة اشتداد تناقضاتها.
و كما قال لينين «إن انهيار الرأسمالية لا يتم لأنها ضعيفة، بل يتم لأنها قوية بسبب اشتداد تناقضاتها».
وعندما يصبح التناقض الثانوي رئيسيا والتناقض الأساسي ثانوياً، أي يجري الدفع بشكل مصطنع للتناقضات الثانوية إلى السطح، وبالتالي يجري تهميش للصراع الأساسي المحدد لمجرى ومسار التطور، وعليه يتم تشويه مسار التطور وهو ما تقوم به عادة الطبقات التي استنفذت دورها التاريخي من اجل إعاقة سقوطها وإطالة عمرها أي إعاقة وضع التاريخ من الانتقال من الزمن السابق إلى الزمن اللاحق.
لقد خرج الأمريكيون من لعبة التدخل المباشر في العراق إلى مرحلة الفوضى الخلاقة في المنطقة الممتدة بين قزوين والمتوسط، فافتعلت حروب داخلية وخارجية بين دول المنطقة، والسبب في ذلك بان سلطة أمريكا ترتكز على قوة الدولار، وهو بدوره يستمد قوته من تسعير النفط به، ولذلك فالمنطقة التي تحتوي على 70% من احتياطي نفط العالم هي منطقة إستراتيجية، يريدون للفوضى أن تعم بها لكي لا يقترب منها أحد من منافسيهم مثل أوروبا والصين وروسيا.
فالبشرية تمر بمنعطف تاريخي هام ستكون نتيجته أفول إمبراطوريات وبزوغ فجر إمبراطوريات جديدة، كما حصل في عام 1956 حيث رفضت كل من أمريكا والسوفييت العدوان الثلاثي من فرنسا وبريطانيا و(إسرائيل) على قناة السويس في مصر، وتلك اللحظة كانت إيذانا بانهيار عالم قديم ونشوء عالم جديد، فكذلك ما نراه اليوم من حروب وصراعات عنيفة تجري على سطح الكرة الأرضية ما هو إلا بزوغ فجر جديد للبشرية جمعاء.