جيلتوف: التغيير المطلوب ينبغي أن يضمن بقاء سورية دولة موحدة ذات سيادة

جيلتوف: التغيير المطلوب ينبغي أن يضمن بقاء سورية دولة موحدة ذات سيادة

كما ألقى السيد فلاديمير جيلتوف الوزير المفوض للسفارة الروسية في سورية كلمة في مستهل أعمال المؤتمر الثاني للجبهة الشعبية للتغيير والتحرير المنعقد بدمشق في 5/10/2013 جاء فيها:

السيد الرئيس.. السادة المشاركين.. الأصدقاء والرفاق:
بداية اسمحوا لي أن أشكركم على هذه الفرصة المتاحة لي بصفتي «الوزير المفوض للسفارة الروسية» في الجمهورية العربية السورية الصديقة، كي أتوجه بهذه الكلمة إلى هذا الحضور المحترم.
نرى في عقد هذا المؤتمر تجسيداً لرغبة أكيدة لديكم، أعزائي المشاركين، في المشاركة في عملية سياسية شاملة يقودها السوريون بأنفسهم من دون تدخل خارجي وفرض الوصفات الجاهزة من الخارج، أو تسمية من يمثل الشعب السوري كممثل وحيد. فطبعاً لا بد أن تهدف العملية السياسية إلى تجديد الدولة السورية وتحديثها وليس إلى تدميرها كما يشاء البعض، في خدمة الأجندات الخارجية، وأنسب أسلوب لتحقيق هذا الهدف هو «تغيير جذري تدريجي إنما مستدام«، (السفينة لا يمكن أن تنقلب في سيرها، مفروض أن تمشي في سيرها إلى الأمام).
هذا التغيير يضمن بقاء سورية دولة موحدة ذات سيادة وطنية، كما من المهم ضمان التعايش متساوي الحقوق بين مكونات البلاد السياسية والعرقية والطائفية. من هذا المنطلق نقدر عالياً الدور البنّاء لقوى المعارضة الوطنية، ومن بين الفصائل الرئيسية لها الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وذلك بإيجاد حلول الأزمة السورية من خلال الحوار بين السلطات وقوى المعارضة في الداخل كانت أو في الخارج على حدٍ سواء، وطبعاً دون أي شروط مسبقة مفروضة من الخارج.
كما نشيد بجهد الجبهة في دعم المصالحة الوطنية، وبالنسبة لروسيا لا حاجة لإبراز الدور الذي تقوم به في الملف السوري، تجنيباً لتكرار ما حصل في المنطقة. جرت التدخلات الخارجية بذريعة «الحرية والديمقراطية والتعددية« بتعريف معين ما هو إلا نسخة مصغرة لمشروع «الشرق الأوسط الكبير» الذي سمعناه مراراً والذي فشل في حقيقة الأمر. إننا مجدداً نرفض استخدام مجلس الأمن الدولي لتغطية سياسة تغيير الأنظمة تحت شعارات مهما كانت جميلة. فسورية تحتاج، حالياً أكثر من أي وقت مضى، الدعم البناء للعملية السياسية بدلاً من استمرار النهج المدمر نفسه الذي تكون الجهة المستفيدة منه هي العصابات والجماعات الراديكالية التكفيرية الإسلامية المتعصبة. في هذا السياق نرى المحاولات اليائسة من أطراف لا حاجة لتسميتها، فهي معروفة، لعرقلة إطلاق هذه العملية على أسس يتفق السوريون أنفسهم عليها. حتى لو تحدثت هذه الأطراف عن العملية السياسية بشكل ما تسمى بـ«مرحلة انتقالية»، فهي تضع شروطاً غير مقبولة في إشارة واحدة واضحة بإقصاء السلطة الشرعية في البلاد وتهميش قوى المعارضة الداخلية. وفي حقيقة الأمر لا تزال هذه القوى تراهن بشكل وهمي على تغيير الميزان على الأرض، نقول بصراحة هذا التوجه هو غير  واقعي وغير عقلاني ولا يخدم مصلحة الشعب السوري بكافة مكوناته، وطبعاً مهما كانت تداعيات الأزمة السورية فموضوع العملية السياسية لا مفر منه، وهذا الأمر تم الاتفاق عليه في وثيقة «جينيف» في 30 حزيران من العام الماضي، وتم التأكيد عليه في أكثر من مرة وآخر مرة في قرار مجلس الأمن الدولي «2118» حول تسوية الملف السوري الكيماوي.
 لابد من هنا أن نستفيد جميعاً من النافذة المفتوحة مؤخراً والتي أسهمت روسيا بشكل كبير بفتحها من خلال منع السيناريو العسكري، وكسر الجمود على المسار السياسي، وخلق الظروف الملائمة لنا للتفاوض بين المعارضة والسلطات في إطار مؤتمر «جينيف-2».
وهنا نرى من بين المشاركين في هذا المؤتمر ممثلين عن الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير باعتبارها قوة معارضة فاعلة على الأرض تحظى بدعم شرائح واسعة من المواطنين، وتتخذ موقفاً بناءً من الحوار مع السلطة على المبادئ التي تلبي تطلعات وطموحات الشعب السوري في حياة أفضل.
إننا على قناعة بأن فصائل المعارضة التي تدعي أنها معارضة حقيقية، وفي الوقت نفسه تراهن على التمويل والتدخل الخارجي، لا تدوم حياتها السياسية طويلاً، فالطريق الوحيد لكسب تعاطف الجماهير ودعمها يمر عبر التخلي عن أوهام أن ما يسمى بـ«أصدقاء» سورية في الخارج سيساعدونها في الوصل إلى الحكم، هذا الرهان هو وهمي. العملية السياسية تمر عبر الدخول في الحوار السوري– السوري الشامل لما فيه مصلحة المواطنين جميعاً ولما يؤدي في نهاية المطاف وبعد سنتين ونصف من المعاناة إلى بر الأمان.
على كلٍّ أتمنى لكم أعزائي الأصدقاء، والمشاركين النجاح والتوفيق في عملكم لما في مصلحة سورية العزيزة...وشكراً