د. حيدر: ثمة من يفكر بالذهاب لأي استحقاق سياسي لاقتسام «قرص الجبنة»
ألقى الرفيق الدكتور علي حيدر، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، عضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، كلمة في مستهل أعمال المؤتمر الثاني للجبهة الشعبية للتغيير والتحرير المنعقد بدمشق في 5/10/2013، جاء فيها:
أعضاء السلك الدبلوماسي، رؤساء الأحزاب والقوى والتيارات والمجتمع المدني مع حفظ الألقاب ولمن حضر من الأصدقاء والأحبة وأهل البيت- وأنتم جميعاً من أهل البيت.. يقول المثل «من قلت عادتو قلت سعادتو» لذلك سأبدأ بـ«تحيا سورية» كما تعودت دائماً.
نحن في المؤتمر الثاني للجبهة الشعبية للتغيير والتحرير. الجبهة التي تابعتم أعمالها منذ اليوم الأول لإنشائها وانطلاقتها بمهامها العاجلة والاستراتيجية، والتي اطلعتم عليها جميعاً منذ انعقاد المؤتمر الأول للجبهة.
ومنذ يوم إعلان هذه الجبهة، واكبت القسم الأكبر من حياتها في الأزمة السورية، حيث أُنشئت بالأساس على خلفية الأزمة السورية، ونتيجة توافق طوعي والتزام، وليس إلزاماً، من أحد بعناوين واضحة تبنتها منذ سنتين كجبهة شعبية للتغيير والتحرير. أما قبل ذلك فكنا أحزاباً وقوىً، والجميع يعرف أننا نتحمل الهم الوطني والمسؤولية الوطنية منذ تاريخ إنشاء أحزابنا وتياراتنا وقوانا.
الجبهة متنامية واتجاهها صعوداً
هذه الجبهة التي راهن الكثيرون على أنها مؤقتة وطارئة، نقول اليوم إنها أثبتت بأنها مستمرة ومتجهة صعوداً وهي في حالة نمو، والجميع يستطيع أن يتابع الآن ومن أعمال هذا المؤتمر أن هناك انضمامات جديدة وحضوراً جديداً لقوى جديدة في هذه الجبهة. الجبهة التي رفعت شعار «التحرير»، وكانت جادة فيما تقول لأنها قوة معارضة وطنية حقيقية تعمل من داخل سورية وعلى الأرض، وترفع شعار «التغيير البنيوي الجذري العميق» وليس «المكياجي» والشكلي. لقد ربطت الجبهة التغيير بالتحرير لأن التغيير ليس غاية بحد ذاته، بل هو وسيلة للوصول للأفضل لتصبح سورية فعلاً قادرة بالفعل وبالإمكان وبالقدرة على أن تحقق التغيير المطلوب والتحرير المطلوب هنا، لأن تحرير النفس والإنسان هو في التغيير، والتحرير الذي نقصده هو تحرير الأرض المحتلة والمغتصبة، دون الوقوف عند حد من حدود هذه الأرض المحتلة، فكل أرض قومية مغتصبة هي مسؤولية هذه الجبهة.
«التحرير» فعل وليس إعلاناً سياسياً
نحن لم نرفع شعاراً من شعاراتنا إلا وقمنا بالعمل على تنفيذه، لم نتكلم عن التحرير كعنوان أو شعار، وأستطيع أن أخبركم الآن ومن هذا المؤتمر أننا بدأنا عملية التحضير للجبهة المقاومة «ألوية الجبهة الشعبية للتحرير» التي ستعمل بالاتجاه العسكري للتحرير لأن البعض اعتبر أن إعلاننا السابق هو فقط للاستثمار السياسي أو الإعلامي. نحن نقول لكم «أبداً»!
نحن حركة جدية في هذا الاتجاه ومصرّون على موقعنا كقوى معارضة وطنية، لأن المعارضة ليست هوية، الوطنية هي الهوية. المعارضة هي مشروع سياسي لإحداث التغيير المطلوب بناءً على مشروع ورؤيا وهدف، لذلك نفصل بين الوجود وهوية الوجود وصفة الوجود. نحن قوى وطنية موجودة على الأرض وتعمل منذ سنوات وسنوات وترفع شعار المعارضة منذ سنوات طويلة وليس على خلفية الأزمة لركوب موجة الأزمة، ولأننا نثق بأنفسنا وبما نملك من رؤيا ومشروع للتغيير البنيوي الجذري العميق، تحملنا مسؤولية أن ندعو الآخرين للصراع الفكري، لأنه الوحيد الذي يقدم رؤيا أوضح وأشمل وأفعل لخلاص سورية ونهضتها والخروج من أزمتها.
شجاعة الحوار وشجاعة الرصاص
ولأننا نثق بأنفسنا ونثق بشعبنا قلنا منذ اليوم الأول بأن يدنا ممدودة وصدورنا مفتوحة للجميع ودون إقصاء أحد، حملنا مسؤوليات كثيرة حول هذا الشعار وقلنا: «أن من يمد اليد لمصافحة اليد يجب أن يكون أوتوماتيكياً قد قبل بالاحتكام للعقل ولغته والتفاعل الفكري الإيجابي تحت عنوان الصراع الفكري وليس الصراع بالسلاح». ولأننا نثق بأنفسنا وبقدرتنا قلنا: «بأن الحوار يحتاج إلى شجاعةٍ أكثر وأكبر بكثير من شجاعة حمل السلاح والوقوف خلف السواتر والقنص وأزيز الرصاص».
نستطيع اليوم أن نقول إن الجبهة حققت إنجازات خلال العامين الماضيين، ولكننا لسنا هنا في معرض الحديث عن الإنجازات، لأننا في جلسة افتتاحية للمؤتمر، ستكون وقفة بحثٍ ونقاشٍ جدية بأعمال الجبهة للوقوف على ما يمكن تحسينه وما يمكن إصلاحه وما نحتاجه في الأيام القادمة من استحقاقات. لذلك من يتابع أعمال المؤتمر يمكن أن يطلع ويثق بأن هذه الجبهة لم تكن تتفرج ولم تكن شكلاً صورياً بل كانت فعلاً حقيقياً على الأرض.
لسنا شهود زور
نقول اليوم إن الجبهة قالت قبل ذلك بأن الظروف الموضوعية قد نضجت داخلياً واقليمياً ودولياً للذهاب إلى عملية سياسية تُخرج سورية من أزمتها، والجميع يتكلم عن وجود استحقاقٍ دولي «جنيف-2». نحن نقول هناك عملية سياسية يمكن أن يكون إطلاقها باستحقاقٍ دولي هو «جنيف-2» أو غيره، والعملية هي مجموعة عمليات تبدأ وقد لا تنتهي سريعاً، عنوانها الأساسي بأننا نشعر بأننا لسنا فقط أصحاب حق، بالعكس فمن واجبنا المشاركة في هذه العملية، وهو واجبٌ قبل أن يكون حقاً شخصياً كما يدّعي البعض أو كما يحاول البعض أن يصور حضوره أو مشاركته. أستطيع أن أقول إن المؤتمر الدولي أو الاستحقاق الدولي أياً كان، سنذهب إليه وسنشارك به، بشرط واحد، هو أن لا نكون شهود زور في هذا الاستحقاق الدولي لأننا نختلف عن الآخرين الذين يفكرون بالذهاب لاقتسام «قرص الجبنة» والمكاسب والمغانم والحصص. نحن لا نريد حصصاً، مكاننا الطبيعي بين الناس، في الساحات والشوارع وفي المدن والقرى والدساكر، ليس مكاننا خلف المكاتب، لذلك أقول بأننا نطالب بأن لا نكون شهود زور، وسنعمل على أن لا نكون شهود زور، وأن يكون شرطاً أساسياً، أي أن نطالب المجتمع الدولي بأن يحقق البيئة الموضوعية لإطلاق عملية سياسية تحت عنوان «حوار وطني» بين السوريين أنفسهم، على أرضٍ سورية، وبإدارة سورية، لنتائج سورية ولمشروع سوري. أما أن يقوم المجتمع الدولي بالاتفاق على سورية وعلى اقتسام مصالحه على حسابها وحساب الشعب السوري، فعندها سنكون في مواجهته ولن نوافق على ذلك، لأننا بالأساس ندافع عن حقوق الشعب ونحن من قال منذ اليوم الأول بأننا: «مع الحراك الشعبي الوطني السلمي ومع مطالب الشعب المحقة»، وأننا ندافع عن هذه المطالب وهذه الحقوق، وحتى هذا اليوم نحن مصرّون على ذلك وهو مقياسنا الأول والأخير.
لن أطيل، أستطيع أن أقول لكم بأننا وكما قلت في الافتتاح: نشكر مشاركتكم، نشكر ضيوفنا وهم ليسوا بضيوف لأن من ذكرناهم هم من أهل البيت، وهم أصحاب الحق الطبيعي بأن يشاركونا ويستمعوا إلينا ونتفاعل معهم بما يفيد مصلحة سورية التي هي فوق كل مصلحة أشكركم مرة ثانية وتحيا سورية في الختام..