برنامج.. عصر الانتصارات الكبرى!
نحن دخلنا عصر الانتصارات الكبرى، هكذا نقولها دون مقدمات وبلا تردد، وبكل وضوح، وإن كنّا نعرف أن بعض المحبطين واليائسين، والسّذّج لن يصدقوا ذلك، وقد يسخرون منّا، وخاصة أولئك الذين تشرّبوا الهزيمة حتى فقدوا الثقة بحركة التاريخ، واستكانوا لما هوظاهر وتكيّفوا معه، فقطار التاريخ توقف على باب البيت الأبيض كما يظنون، والرأسمالية هي نهاية التاريخ....
درس من التاريخ:
بعد فشل الثورة الروسية عام 1905 تفسخت الحركة الثورية، وانقسمت، حتى ظنّ البعض أنه لن تقوم لها قائمة، وحده لينين لجأ إلى الماركسية كأرقى ما أبدعه العقل البشري في ميدان علم الاجتماع، وراح يحلل ويدقق، ويبدع، ليصل إلى استنتاج نظري بإمكانية «انتصار الاشتراكية في الحلقة الأضعف من النظام الرأسمالي»، وسرعان ما اتهمت قراءته الإبداعية بأنها غير ماركسية، وغير علمية، وغير واقعية... ولكن التاريخ قال كلمته في عام 1917 ليحسم النقاش حول صوابية هذا الإنجاز النظري، وبدأ عصر الانتصارات الكبرى، ثورة اكتوبر- صعود دور حركة التحرر- التي تتوجت بالانتصار على الفاشية في الحرب العالمية الثانية.
إن هذا الإنجاز النظري اللينيني ما كان له أن يكون، لولا امتلاكه الأدوات المعرفية التي تؤهله لذلك، فكان امتلاك الشرط المعرفي لابد منهُ لفهم حقيقة ما يجري، ووضع المهمة حسب الظرف التاريخي الملموس
العالم الآن، الاشتراكية هي الحل:
بعد انهيار التجربة الاشتراكية، عانت الحركة الثورية العالمية من حالة لاتحسد عليه، وقلة هم من ظلوا قابضين على الجمر، والقبض على الجمر هنا لايعني الوفاء للماضي التليد فقط كما قزم بعض ثوريي الكلام هذه الفكرة إلى عبارة وجدانية للاعتياش على ذلك الماضي، بل يكمن بالأساس بضرورة استخلاص الاستنتاجات العلمية لما جرى، وتلمّس ملامح المستقبل، وتوفير الأداة الثورية القادرة على تحقيق الانتصار، وكان من أهم التحديّات النظرية في هذا السياق معرفة واقع الرأسمالية الراهن كتشكيلة اقتصادية اجتماعية، وفي هذا السياق بدا للبعض أن الحديث عن أن الرأسمالية مأزومة، وبالإمكان مواجهتها، والانتصار عليها ضرباً من الهرطقة والجنون والخطاب الماضوي، ولكن وقائع الحياة جاءت لتؤكد هذه الحقيقة أيضاً، عبر تجلي حالة الارتباك والتأرجح والتخبط الذي يمرّ بها المركز الرأسمالي، والذي يتجلى اقتصادياً في الانهيارات الاقتصادية المتتالية - وليست أخيرة بالتأكيد تحذير وزير المالية الامريكي من تعرض الولايات المتحدة للإفلاس - وسياسياً في طريقة التعاطي مع الأزمة السورية على الأقل.
سورية الآن:
فشلت المحاولات الامريكية الواحدة تلو الأخرى، للتحكم باتجاه سير الأزمة السورية، فلا هي تمكنت من التدخل العسكري المباشر، ولا هي استطاعت فرض أتباعها عبر التدخل غير المباشر حتى الآن، والأعمى وحده من لم ير حتى الآن تفكك جبهة من راهن عليها إقليمياً ومحلياً، ليأتي المؤتمر الدولي ويكون بداية إغلاق دائرة العنف السورية الأمر الذي يعني من جملة ما يعني فتح الطريق أمام التغيير السلمي الوطني الديمقراطي الجذري والشامل، أمام تلك المهمة التاريخية التي حاولت الحركة الشعبية أن تتصدى لها، الأمر الذي لم يرق لعدوّها الطبقي، سواء أكان الذي في النظام أم كان الذي في المعارضة، سواء كان في الداخل أو الخارج، فحاولوا إجهاضه عبر قمعه أو تسليحه أو تطييفه، أو توظيفه لخدمة مشاريع استعمارية وإرباكه في معارك هامشية، إن انطلاق الحل السياسي يعني أن الباب بات مفتوحاً للشعب السوري للدخول بدوره في عصر الإنتصارات الكبرى توافقاً مع اتجاه التطور التاريخي العالمي.