صوت الإرادة الشعبية
مضى على الأزمة في سورية أكثر من عامين دون أي آفاق لنهايتها وفق الخيارات الأمنية والعسكرية الجارية لا بل أخذت بعض أصوات التطرف الخافتة بالارتفاع مدعية أنها تشكل المساحة الأوسع من القاعدة الاجتماعية التي تدعي كل جهة أنها خاضعة لها.
يبدو أن استمرار مثل هذه الخيارات يتوافق بشكل أو بآخر. بحسن أو سوء نية مع الموقف الأمريكي ــ الذي يسعى إلى حل سياسي خاص. لا يتوافق مع مصلحة الشعب السوري ــ وهي أي أمريكا مستمرة في مماطلتها وإعاقتها للحل السياسي الجدي إلى أبعد مدى بهدف انهاك سورية من الداخل على الصعيدين العسكري والاقتصادي وصولاً إلى الانهيار ــ الشامل للدولة ــ وذلك بعكس ما تدعي، بأنها حريصة على عدم انهيار الدولة ودخول سورية الفوضى، وهذه المواقف الأمريكية المعيقة واضحة سواء كان عن طريق استمرار العقوبات الاقتصادية على شعبنا السوري بالاتفاق مع الإمبريالية الأوروبية وحلفائها من الدول الإقليمية أو خلق الذرائع بتحديد ممثلي الشعب السوري في المؤتمر الدولي المقترح أو الأطراف الواجب حضورها هذا المؤتمر وغير ذلك من الحجج الواهية.
ومن هنا فإن صوت الإرادة الشعبية يقول
أولاً: إن الصراع الدائر في سورية هو صراع بين الوطنية واللاوطنية على الرغم من كل التشوهات الحاصلة ضمن هذا الصراع وبكل مستوياته فمهما تعددت الأشكال والمستويات التي يتخذها الصراع الدائر في سورية صراع بين نظام ومعارضة تارة تأخذ لبوساً طائفياً وتارة قومية فإن المضمون الحقيقي لهذا الصراع لا يمكن أن يكون إلا صراعاً بين الوطنية واللاوطنية وليعلم الجميع بأن الاحتياطي الهائل ما بينها إذا حسن استخدامه سيحسم الصراع لمصلحة القوى الوطنية.
ثانياً: الإرادة الشعبية تدعو كل القوى الوطنية في البلاد حسم خياراتها والابتعاد عن الخيارات الخاطئة التي تدمر الوطن والمواطن والانتقال إلى معركة الحل السياسي الجدي والجذري ولا جدوى من شعارات «الإسقاط» أو «الحسم» سوى مزيد من القتل والتخريب والخاسر الوحيد جراء ذلك هو الوطن فشعبنا السوري بقواه الوطنية والتقدمية جميعاً بمساحاته الواسعة في أرجاء الوطن وبترابه الوطني العريق قادر على خوض المعركة الوطنية السياسية وقادر على حسم معركته وبناء وطنه بعيداً عن الرصاص والشعب السوري قادر على فرز قياداته الوطنية والساحة الوطنية تتسع للجميع دون أي اقصاء. وسورية دائماً وأبداً ترفض الخنوع والاملاءات والتطرف وشعبها يعلم جيداً كيف يعزل القوى الرجعية ويحافظ على سيادته الوطنية عبر علاقات ندية مع الأصدقاء والأعداء.
ثالثاً: وأخيراً الإرادة الشعبية ترفع صوتها عالياً وتقول إنه لابد من السرعة في الانتقال إلى حلبة المعركة السياسية كبديل للحلول الأمنية والعسكرية وأن أي تأخير في دخول هذه المعركة سيؤدي حتماً إلى ازدياد نفوذ القوى المتطرفة بجميع أشكالها ومستوياتها مما سيلبي إرادة أمريكا وتابعيها من الأوروبيين والقوى الرجعية الأقليمة في إطالة أمد الأزمة أكثر فأكثر.