ائتلاف قوى التغيير السلمي: ينبغي ممارسة كل الضغوط للجم العدوانية الأمريكية تجاه سورية
عقد ائتلاف قوى التغيير السلمي المعارض في سورية قبل ظهر الأربعاء 11/9/2013 مؤتماً صحفياً بدمشق لتوضيح رأي القوى المنضوية فيه من التطورات الأخيرة بخصوص الوضع في سورية ولاسيما التهديدات الأمريكية وسبل منعها. ومثّل قيادة الائتلاف في المؤتمر الذي حضره عدد من ممثلي وسائل الإعلام العاملة والمعتمدة بدمشق، كل من د.قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية، ود.علي حيدر، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، ود.مازن مغربية، رئيس التيار الثالث من أجل سورية، والأستاذ علي أومري من الحركة الوطنية الكردية، وم.علاء عرفات، أمين حزب الإرادة الشعبية.
بيان الائتلاف
وتُلي في مستهل المؤتمر الصحفي بيان من الائتلاف جاء فيه أن «قوى المعارضة الوطنية السورية المنضوية في ائتلاف قوى التغيير السلمي تهيب بكل القوى الوطنية في سورية والمنطقة والمحبة للسلام في العالم بأن تواصل كل مساعيها لمنع الولايات المتحدة من تنفيذ تهديداتها العدوانية بحق سورية، أرضاً وشعباً، تحت ذريعة استخدام الأسلحة الكيمائية، ولاسيما أن هذه القوى ترى أن إمكانية هذا المنع متاحة جدياً في ظل ميزان القوى الجديد المتشكل دولياً، وضعف الحلقة الأمريكية وأتباعها المروجين له، لأهداف لا تمت بصلة لمصلحة السوريين، بل بما يؤجج على نحو خطير أزمتهم المستعصية منذ عامين ونصف تقريباً».
وأوضح البيان أن «قوى ائتلاف قوى التغيير السلمي ترى أن التطورات السياسية الأخيرة فيما يتعلق بمسار الأزمة السورية، ولاسيما الموافقة السورية على المقترح الروسي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت رقابة دولية، جاءت في توقيت لافت، وهي كفيلة بسد الذرائع المعلنة أمريكياً وغربياً لشن العدوان على سورية، وهي تندرج في إطار الحيلولة دون وقوعه وتكبيد الشعب السوري المزيد من الخسائر في الأرواح والبنى التحتية ومؤسسات الدولة».
وأضاف: «وتشدد قوى ائتلاف قوى التغيير السلمي على أنه وبغض النظر حالياً عن أهمية السلاح الكيميائي في خلق توازن ردع مع العدو النووي الصهيوني استراتيجياً، فإن موافقة السلطات السورية على المبادرة الروسية، تحفظ السيادة الوطنية السورية، وإن التعاون مع موسكو، كفيل بالحد من أية اتهامات باستخدامه لاحقاً بحق المدنيين وإيقاع ضحايا وإصابات في صفوفهم، بحيث سيتأكد للعالم بوضوح من يستخدم هذا السلاح الفتاك وبأمرة مَن، مع التأكيد في كل الأحوال على أهمية انتظار نتائج التحليلات والتحقيقات الدولية، بما عرف بمجزرة الغوطة أواخر الشهر الماضي، لتحديد الجهة المسؤولة ومحاسبتها، هي ومن يقف خلفها».
وختم البيان إلى أن قوى ائتلاف قوى التغيير السلمي في سورية «تؤكد أن أي تلويح أمريكي بعد هذا التطور بشن العدوان أو الإقدام على مغامرة شنه سيجعل سورية بحل من التزامها الجديد، ناهيك عن تحمل واشنطن وحلفائها لتبعات تصعيدها المبيّت في المنطقة برمتها، في وقت تتطلع فيه الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوري لحل سياسي سلمي عبر الحوار الوطني المفضي للتغيير الجذري والشامل في البلاد».
أسئلة الصحفيين
وفي رد على سؤال يتعلق بالخطوات الدبلوماسية والسياسية التي ستقوم بها المعارضة الوطنية في الداخل لحضور مؤتمر «جنيف2» والوصول إلى حل سياسي ينهي حالة الصراع الدائر بالبلاد، أكد د. علي حيدر وجود مواقف متباينة في صفوف المعارضة السورية تتعلق بالمشاركة بالعملية السياسية، وأن قوى ائتلاف قوى التغيير السلمي كانت ومازالت مصرَّة على أن الحل في سورية هو سياسي بالمطلق، مشيراً «لذلك من الطبيعي أن نكون من المساهمين الأساسيين والمشاركين في الحل، وأن العناوين الرئيسية في أية مشاركة حتى بجنيف2 هي في المحافظة على الثوابت، أي أننا لن نذهب لأي عملية سياسية تضرب الثوابت الوطنية، ماعدا ذلك لا شروط لدينا، سواء فيما سيطرح على طاولة الحوار أو من جهة الأطراف الأخرى التي ستحضر دون القيام بعملية إقصاء لأحد في المناقشة والحوار، لأننا نملك الحجة والبرهان والإمكانات في تقديم رؤيتنا عن الأزمة السورية».
عوامل تغيير المشهد العدواني
من جانبه قال د.قدري جميل في رده على سؤال حوال احتمال زوال «الضربة» الأمريكية بعد المبادرة الروسية التي يقال إنها جاءت باتفاق مع «هيئة التنسيق الوطنية»، وهل كان من اتصالات بينها وبين ائتلاف قوى التغيير السلمي، قال إن احتمال وقوع العدوان، قبل أن يتم التراجع التدريجي عنه، كان غير واقعي وعقلاني، لكن هذا لا يعني عدم قيام هذا الاحتمال. وأردف: التفكير العقلاني يؤكد بعدم استخدام هذا الحل، لكن المشكلة أن الذين يختارون أسلوب الضربات العسكرية لا يملكون العقل. لذلك السؤال: لماذا الضربة مستحيلة؟ لأن مجرد المقارنة مع كل الاعتداءات والحروب التي كانت تقوم بها أمريكا تاريخياً ضد الشعوب، كان باستطاعتها تحضير «طبخة» الرأي العام بداخلها وتأمين الأكثرية من المؤيدين لغزواتها بأدواتها المختلفة من فيتنام إلى الآن، مروراً بأفغانستان للعراق وليبيا، أما اليوم فقد لاحظنا شيئاً جديداً، وهو أن الرأي العام الأمريكي وفي الغرب عموماً كان ضد الضربة، وهذا التطور الهام يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هذا أولاً، وهذا ما انعكس ثانياً على البرلمانات، والتي تعتبر الجزء الأكثر حساسية بأجهزة الدول الغربية. ثالثاً لأول مرة ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي يحصل انقسام عميق في صفوف القوى الغربية التي كانت في جميع غزواتها السابقة متحدة. أما العامل الرابع، ففي الماضي كان الغرب يحتل الساحة وحده لعدم وجود قوى أخرى، وكنت تراه يستفيد حتى من فشله، في حين تظهر اليوم قوى هامة على الساحة الدولية في حال فشلت المغامرة الغربية، فهناك من يستفيد ويخلق رصيداً جيداً. وخامساً، إن تجربة العراق وأفغانستان وليبيا أسست في سورية بالإضافة للتقاليد الوطنية العريقة، الممتدة من يوسف العظمة، لموقف شعبي واسع كبير ضد العدوان، والدولة تستجيب له وتعبر عنه، بمعنى آخر الدولة ليست لديها خيار سوى العمل ضد العدوان لأن الشعب يريد مواجهة العدوان، والمعارضة الوطنية جزء من الشعب السوري، موالاة ومعارضة، وهنا تكمن قوة الموقف السوري.
أما عن الشق الثاني من السؤال فأكد د. جميل أن لا علم لدى الائتلاف بحجم التنسيق بين الروس وهيئة التنسيق الوطنية وهو بالتالي غير مخول بالتعليق نيابة عن تصريحهم حين قالوا إنهم كانوا المبادرين للمبادرة الروسية، ومن الجيد أن يكونوا لعبوا هذا الدور، إن كان ذلك صحيحاً، علماً بأن المبادرة الروسية استندت ليس فقط على فكرة، وإنما على قوة روسيا وحلفائها. وتساءل إذا كان لدى هيئة التنسيق هذه المبادرات، فلتطلق واحدة باتجاهنا واتجاه الحوار الوطني لحل الأزمة!!؟
بدوره قال د.مغربية في موضوع هيئة التنسيق إن من نقاط ضعف المعارضة الداخلية هي في عدم التنسيق، لذلك الكثير من المعارضات اقترحت ورفعت شعار إسقاط رموز النظام بينما كنا ننادي بإيجاد حل سلمي للأزمة ليست محبة للنظام، وإنما بالوطن وللخروج الآمن من الأزمة لذلك يبقى الأهم إجراء حوار بيننا لأنه الوحيد الذي سينقذ سورية، ولأن أمريكا على طول الخط تحاول نسف مؤتمر جنيف.
«السلمي» في اسم الائتلاف لا ينسحب على العدوان
وفي رده على سؤال حوال موقف ائتلاف قوى التغيير السلمي في حال وقوع عدوان عسكري على سورية عاد د.حيدر مؤكداً إن تسميتنا بـ«قوى التغيير السلمي» لنكون نحن السوريين سلميين فيما بيننا، ولكن عندما يشن عدوان على سورية كنا، وسنبقى مدافعين عن كل قطعة أرض من سورية حتى بالعسكرة للحفاظ على مقومات بناء الدولة السورية بوحدة أرضها وشعبها وسيادتها وكرامتها.
وأوضح د. مغربية في هذا المجال أن هذا لا يعني حتى في الموالاة إننا ندافع عن النظام، وإنما عن سورية التي هي للجميع، وسنبقى على خلافنا السياسي مع النظام قبل وأثناء وحتى إذا وقع العدوان «لا سمح الله» لكننا لن نسمح بتدنيس الكرامة السورية، وأنا أرى من الواجب أن نعلن رفضنا لتفكيك السلاح الكيمياوي لأنه جزء من كرامتنا، وهو للدفاع عنَّا إلا في حال اتفق الجميع على تدمير أسلحة الدمار الشامل لتشمل أولاً «إسرائيل».
تنازل أم هجوم مضاد؟
وفي سؤال حول هل يمكن اعتبار الموافقة السورية على المبادرة الروسية تنازلاً، وبداية لتقديم تنازلات أخرى أوضح علاء عرفات أن موضوع توازن القوى هو موضوع شامل «سياسي ــ اقتصادي ــ عسكري ــ جيوسياسي»، وهذه المعركة ليست محلية بل عالمية، وإن المبادرة الروسية بالمعنى السياسي والدبلوماسي، هي هجوم معاكس يقوم به الروس، وإلى جانبهم السوريون وحلفاؤهم الآخرون في مواجهة الهجمة الأمريكية وصدها، لذلك لا ينبغي رؤية هذه المسألة بشكل تنازل. بالمعنى الجزئي إذا كنا نقارن «سلاح في وجه سلاح» نعم هي تنازل، أما إذا نظرنا إليه بمعناه الكلي العام فهي تعبير عن تحول القوى المعادية المجابهة للولايات المتحدة الأمريكية إلى هجوم معاكس بالمعنى السياسي من أجل تثبيت وتثمير ميزان القوى عن النطاق العالمي في الأزمة السورية. أما إذا كان الحديث سوريةــ الكيان الإسرائيلي، فلا يوجد شيء اسمه صراع منفرد، ففي المنطقة والعالم اليوم يكون الصراع جزءاً من الصراع العالمي وامتداداً له. واعتبر عرفات أن الدبلوماسية الروسية في الحقيقية مدهشة من حيث نشاطها وذكاؤها، وتبين ذلك في الأزمة السورية، مؤخراً وهي التي تقود المعركة في مواجهة الهجوم الأمريكي على المنطقة، وهي التي تحدث الانعطاف المطلوب، لذلك فإن الموافقة لا تعني تراجعاً، بل استخدمت روسيا قضية الكيمياوي كأول طلقة في الهجوم المعاكس واعتقد أنهم سينجحون.