حواشي على متن التهديدات..
عابد سليم عابد سليم

حواشي على متن التهديدات..

حاشية 1
تفاوتت خلال الأسبوع الماضي حدة وتائر التصريحات والمواقف والإعلانات السياسية والإعلامية والعسكرية عن اقتراب عدوان أمريكي- أطلسي على سورية بذريعة استخدام السلاح الكيميائي من السلطات السورية في الغوطة الشرقية في الأسبوع الماضي، وهو ما لم تثبته أو تنفيه بعد اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق، وسط تأكيد الحكومة السورية على عدم قيامها بذلك، ووجود معطيات لدى مجلس الأمن الدولي قدمها الجانب الروسي ولم ينفها الطرف الأمريكي هناك حول إطلاق الصواريخ المعنية بدائية الصنع من مواقع المسلحين في دوما بريف دمشق، ووجود معطيات مؤكدة من أكثر من طرف (ميداني وخارجي) أن أحد فصائل المسلحين المرتبطين علانية بالخارج أخلى مواقعه وعناصره بالكامل من المنطقة قبل ساعتين من انتشار «الكيماوي»، علماً بأن صحيفة السفير اللبنانية نشرت يوم الجمعة 23/8/2013 مادة موسعة أكدت فيها أن الجيش السوري بدأ عملية عسكرية برية ميدانية ليلة 21/8/2013 قبل ضرب الكيماوي، بالتزامن مع نشر هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي تحليلاً لصور الضحايا والفيديوهات على موقعها في اليوم ذاته رأى أن المواد السامة هي أقرب لغاز الأعصاب منها للكيماوي...!
حاشية 2
على الرغم من التهويل الإعلامي المرافق للحملة التصعيدية الأمريكية الجديدة بحق سورية، الدولة والجيش والشعب أولاً، وتشابهها مع الحملة التضليلية التي شنت تسويغاً لعدوان عسكري بقيادة أمريكية على العراق في عام 2003 تمهيداً لغزوه في حينه، وعلى الرغم من الحديث عن جدية أو تهاون الموقف الروسي بخصوص سورية، فإن معطيات موازين القوى الدولية والإقليمية الناشئة لا توحي بقرب تنفيذ العدوان العسكري المباشر والواسع على سورية، بقدر ما هو «شد حبال» و«سير نحو حافة الهاوية» يسبق التوجه إلى ما يريد أن يجعله الغرب «طاولة مفاوضات» لاقتسام السلطة والثروة في سورية، وليس حواراً وطنياً يجري التحضير له في جنيف ليفضي كما تريده القوى الوطنية السورية إلى إحداث التغيير المطلوب في بنية النظام السياسي والاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي في البلاد، خدمة لمصالح الشرائح الشعبية السورية، بغض النظر عن اصطفافاتها الوهمية حالياً.
حاشية 3
إن النظام القائم في البلاد هو من يتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية المآلات الحالية للأزمة السورية وتراكبها وتعقدها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، نتيجة لجوئه للعنف، وتضييعه لمختلف الفرص المتلاحقة التي كانت كفيلة بإنجاز مخرج سوري- سوري منها، مثلما لا يمكن إنكار حقيقة وجود حرب كونية غير مباشرة تجري على أرض سورية من خلال وجود عشرات آلاف الإرهابيين والتكفيريين، والمسلحين الوافدين تحت مسميات مختلفة من غالبية بقاع العالم لأجندات لا ترتبط بغالبيتها بمصلحة المواطن السوري لا من قريب ولا من بعيد، كما لا يمكن تجاهل مسؤولية غالبية «المعارضات» السورية المصنوعة في الخارج (الغربي والأمريكي) والمرتبطة بقراراته عن توفير الأغطية السياسية للعنف المضاد ووضع الشروط التعجيزية على الحل السياسي والحوار الشامل الذي بات ينشده السواد الأعظم من السوريين. ومن نافل القول إنه بعيداً عن كل هذه المسؤوليات فإن لدى واشنطن أهدافها العدوانية المبيتة ضد سورية والمنطقة أساساً، غير أن هذه الأطراف ساهمت بسلوكها، من حيث تدري أو لا تدري، بـ«تسهيل المهمة الأمريكية»..!
حاشية 4
إن احتمالات انزلاق الرعونة الأمريكية عن هاويتها وقيامها بحماقة عدوانية على سورية يجعل البلاد بوجه عدوان خارجي مباشر يستهدف المضي في استنزاف قدرات الشعب السوري والجيش العربي السوري بوصفه الضامن لوحدة البلاد شعباً وأرضاً، ما يضع سورية أمام خطر جدي للتقسيم وانفراط عقد مؤسسات الدولة فيها لتصبح عرضة لمستوى نوعي أعلى من الفوضى. وأمام هذا الخطر، المحتمل لا أكثر حتى الآن، والذي بدأ يعطي نتائجه بمزيد من الفرز بين «الانتهازي» و«الوطني»، لا وقت لتقاذف الاتهامات، والمطلوب من جميع السوريين في الداخل، وهم الغالبية، وقفة وطنية جادة في وجه عدوان خارجي يستهدف إسقاط سورية التي نعرفها من الخارطة الجغرافية السياسية أكثر منه إسقاط النظام.
حاشية 5
إن المطلوب اليوم من السوريين حقاً، في النظام والمجتمع، هو الدفاع عن الوطن، وحماية ودعم مؤسسات الدولة السورية وفي مقدمتها الجيش العربي السوري، وهذا يتطلب من المسلحين السوريين توجيه أسلحتهم باتجاهها الصحيح، إلى رؤوس حربة العدوان الخارجي في الداخل، القوى التكفيرية والسلفية والجهادية التي تثبت يومياً عدم ارتباطها لا بدين ولا وطن ولا إنسانية، كما يتطلب من النظام لجم الميليشيات غير الشرعية، وتسريع محاكمة كل المعتقلين على خلفية الأحداث في سورية والإفراج عن الأبرياء منهم، والمضي إلى المصالحة الوطنية جدياً لدرء مفاعيل العدوان المحتمل، ضمن برنامج وطني متكامل.