افتتاحية قاسيون 611 : إلى الدفاع عن الليرة السورية

افتتاحية قاسيون 611 : إلى الدفاع عن الليرة السورية

يتراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد بسرعات قياسية، وينذر في حال استمراره على هذه الحال بأخطار كبرى أهمها وضع مسألة بقاء سورية موحدة أرضاً وشعباً على المحك،..

أي أن من الممكن لواشنطن ومعسكرها بالتعاون الواعي أو غير الواعي مع الفاسدين في جهاز الدولة أن تحقق بالاقتصاد ما لم تستطع تحقيقه بالسلاح

إن واحداً من أهم المؤشرات على التراجع الحاصل هو سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية المختلفة وفي مقدمتها الدولار. وإن العملة الوطنية إذ تمثل أحد رموز السيادة الوطنية، فإن السياسات النقدية التي تسمح بانهيارها هي سياسات غير وطنية بالمطلق، وهي سياسات تتكامل مع الضغوط الاقتصادية الخارجية من حصار وعقوبات لتصب بنهاية المطاف في تأزم الموقف أكثر فأكثر. 
وفي «انقلاب للسحر على الساحر»، فإن الهجوم الشرس الذي شنّته وتشنه قوىً داخل جهاز الدولة وعلى أطرافه، على النائب الاقتصادي ومن ورائه حزب الإرادة الشعبية والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير لتحميلهم مسؤولية ما يجري اقتصادياً، من باب خلق عدوٍ وهمي لتفريغ الغضب الشعبي فيه، إنما يعبر في جانب آخر منه عن الاتساع المطرد في دائرة المستائين جدياً والمهددين فعلياً بوجودهم ولقمة عيشهم- «مؤيدين» و«معارضين»- جراء استمرار السياسات الليبرالية المتوحشة التي تتبعها الحكومة والمتنفذون خلفها. لكن هذه المحاولات ذاتها تسمح برص الفقراء داخل الصف الوطني- وهم الأغلبية- بسرعة متعاظمة ضد السياسات الليبرالية المحابية للفاسدين والأغنياء! وإن هذه المحاولات تؤدي حتى الآن إلى تمحور النضال أكثر فأكثر حول القضية الاقتصادية- الاجتماعية، وباتجاه إجراءات ذات ضرورة وطنية آنية وقصوى تتمثل في التالي:
وقف الإتجار بالدولار نهائياً، وما يستلزمه ذلك من إغلاق محال الصرافة ومحاسبة الصيارفة والإدارة المالية للمصرف المركزي وتعديل سياساته جذرياً.
إيقاف دعم مستوردات القطاع الخاص نهائياً، واحتكار استيراد السلع الأساسية بيد الدولة.
إجبار البنوك الخاصة على إيداع احتياطياتها من العملات الصعبة لدى المصرف المركزي.
تأمين سلة غذائية شهرية مجانية كاملة أو شبه كاملة لكل عائلة سورية وفقاً لعدد أفرادها.
منع تصدير المواد الغذائية وتجريمه، وتأمين إغراق الأسواق بالسلع الأساسية بالاستفادة من الخطوط الائتمانية التي يجري العمل عليها.
انطلاقاً من كم المعروض من النقد السوري مقابل معروض البضائع في هذه اللحظة، فإن القيمة الحقيقية للدولار لا تتجاوز 120 ليرة سورية، وإن كل الانحرافات عن هذه القيمة ناتج عن تكافل عاملين هما المضاربة التي يسهلها المصرف المركزي بسياساته، وإغراق العدو للأسواق المجاورة بالليرة السورية..
وإن الإجراءات التي ذكرناها أعلاه، تنطلق من فكرة أساسية هي أن الحرب تحتاج إلى اقتصاد حرب، وأن اقتصاد الحرب لا يدار إلا بحكومة حرب تؤمن اصطفاف الجيش والشعب في وجه أصحاب رؤوس الأموال وحملة السلاح غير الشرعي من كل الأطراف، أي أنه بحاجة إلى حكومة تختلف عن الحالية جدياً في الذهنية وفي البنية وفي الصلاحيات وفي البرنامج..
إن عقلية إدارة الأزمة التي تسيطر عليها الليبرالية الاقتصادية والتي تعتمد التجريب منهجاً لها، هي عقلية قاصرة تماماً عن النهوض بمهمات كبيرة أصبحت استحقاقاً وطنياً سيتوقف عليه مصير البلاد اللاحق ووجودها من عدمه..

آخر تعديل على السبت, 31 أيار 2014 19:40