الـحـل السـياسـي الـمطلوب
تتجه الأوضاع في البلاد موضوعياً نحو الحل السياسي بغض النظر عن رغبة هذا الفريق أو ذاك، وبغض النظر عن رغبة هذا الطرف الدولي أو ذاك، فتوازن القوى الدولي والداخلي مضافاً إليه رغبة أغلبية الشعب السوري ومصلحته، تدفع الأمور دفعاً باتجاه الحل السياسي
، ولن يغير من هذه الحقيقة سلوك القوى المتشددة في طرفي الصراع، ولا ألاعيب القوى الدولية وتحديداً الغربية منها ومحاولاتها إدامة الاشتباك وتدمير كل عناصر البنية الوطنية السورية، وإن كانت تريد أن تؤخر هذا الحل لبعض الوقت ولما بات التوجه نحو الحل السياسي أمراً واقعاً فإن القوى الفاعلة على خط الأزمة كل منها تريد أن تقود الأوضاع إلى الحل السياسي الذي تريده هي، أي أن هناك أكثر من رؤية إلى الحل السياسي، وكل واحدة منها تتعلق برغبة كل طرف في تحديد الشكل الذي يجب أن تكون عليه سورية بعد الأزمة بمرحلتها الحالية، ودورها في المعادلة الإقليمية والدولية..
وإذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها والقوى المتواطئة معها في المعارضة المشبوهة تعجز حتى الآن على حسم المعركة لمصلحتها بالمعنى العسكري، وإذا كانت عاجزة عن إدامة الاشتباك أيضاً، وإذا كانت ستذهب مضطرة إلى المؤتمر الدولي فإنها ستحاول أن تحقق من خلاله ما عجزت عن تحقيقه بالأساليب الأخرى، وهو حل سياسي هش قابل للتصدع في اللحظة التي تتطلب مصالحها، أو شكل من أشكال التقاسم الطائفي والعرقي، تتفق فيه النخب على تقاسم السلطة والثروة، وتمتلك حق الفيتو تستخدمه ُ في إجهاض أي مشروع وطني حقيقي متكامل بداعي تمثيل هذه الطائفة أو تلك، أو هذه القومية أو تلك، إن هذا النموذج نجد تجسيده الملموس في التجربة العراقية، التي دفع وما يزال الشعب العراقي من جرائها دماً ودماراً ونهباً للثروة الوطنية، وهو على ما يبدو أحد تجليات الفوضى الخلاقة التي تحدثت عنها الدوائر الغربية منذ أعوام...
إن خطر هذا المشروع يتعاظم في ظل الاصطفافات المشوهة، التي أنتجتها مرحلة تعاظم الفساد وانتشاره العمودي والأفقي في الدولة والمجتمع، وعمقتها ظروف الأزمة الراهنة، وكذلك استعداد القوى المتشددة من الطرفين للقبول به، طالما أنه يمنحها فرصة للبقاء وإن كان في تموضع جديد، يختلف شكلاً عن السابق، ويتطابق معه في الوظيفة.
إن الحل السياسي المنشود والحقيقي و المعبر قولاً وفعلاً عن مصلحة الشعب السوري، يجب أن يحقق مهمتين أساسيتين متكاملتين إحدهما تكمل الأخرى:
- الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً
- فسح المجال للشعب السوري، لإنجاز التغيير الوطني الشامل الذي يعبر عن مصالحه الوطنية العامة والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، فدون هذا التغيير ودون أن يكون القول الفصل للشعب السوري في تقرير شؤون بلاده، تصبح كل الحلول التي يرسمها الآخرون حلولاً مجتزأة ومشوهة ، ولاتؤسس لدولة قوية وعادلة كما هو مطلوب.