نعيسة: الانتماء الوطني.. طريق التحرير

نعيسة: الانتماء الوطني.. طريق التحرير

بداية أيها الرفاق الشيوعيون.. رفيقات ورفاق أرحب بكم ولست بصاحب البيت ولكني أيضاً أبارك للإخوة الشيوعيين مؤتمرهم العاشر هذا والمسافة التي قطعت ما بين اللجنة (الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) والحزب (الإرادة الشعبية)

وإن كان لي في موضوع اسم الحزب رأي سأقوله في النهاية..
أيها الرفاق وراءكم إرث أممي عالمي وأمامكم مهام وطنية راهنة، وأشهد أنه لسوء الحظ أو لحسن الحظ أنكم دعيتم في أسوأ الظروف وأكثرها تعقيداً، لكن عزاءنا أن الظروف التاريخية تخلق رجالاً تاريخيين ومنظمات تاريخية.
الشيوعي اسم يختصر التاريخ
إرثكم العالمي يبدأ من البيان الشيوعي المعروف الذي زود عمال العالم جميعاً بسلاحين، سلاح معرفي وسلاح كفاحي، ومكننا جميعاً شيوعيين أو غير شيوعيين أن نعرف أسرار المغارة التي يقبع فيها «عبدة العجل الذهبي».. الرأسمال العالمي. علمنا أيضا أن الثورة علم، والاشتراكية علم، وأن أمضى الأسلحة هو وعي وتنظيم الطبقة صاحبة المصلحة في التغيير، باسم هذا التاريخ أصبحت لفظة «شيوعي» هوية كافية عبر القارات للتعارف، ومن هنا كان اعتراضي– ليس تدخلاً في شؤونكم الداخلية- ولكن كتعبير عما شعرت به عندما قيل صار اسمه «الإرادة الشعبية» لا اعتراضاً على إنها الإرادة والشعبية أيضاً، لكن اعتراض على أن هذا الاسم «الشيوعي» له عندي كجيل- على الرغم من خلافاتنا الكثيرة في الجامعة وتشاركنا كذلك في الكثير من المظاهرات- إرث طويل يمتد من الطفولة المبكرة إلى يومنا، بطريقة أو بأخرى، ويحمل نوعاً من الإجلال والتقدير لهذه الهوية.
وأعود لأقول اسم «الشيوعي» يختصر التاريخ، انتصارات وانكسارات، ولكن الراية لم تسقط، معتمدة على مبدأ إنساني عميق في الديانات والأحزاب وهو: رفض استغلال الإنسان لأخيه الإنسان..هذا المبدأ كان يوماً وسيبقى وسيبقى..
مهام اليوم
إذا كان التحليل الملموس للواقع الملموس هو الدليل فإني بهذا المعيار الملموس أتلمس الوضع السوري فأقول (وأذكر أني سأكتفي بالعناوين) أمامنا المهام التالية: التعبئة الوطنية، مهام التحرير، وضع الناس المعيشي، وأخيرا أمامنا أن لا نفقد الأمل.. وفي المهام الملموسة أضيف تعميق الفرز الطبقي، تعميقه وليس فقط إعادة الفرز الطبقي فقط لأننا عشناه وقطفنا ثماره، وعندما ألغي فإننا نقطف ثماره أيضاً فيما نحن فيه اليوم..
والدعامة الأساسية هي التغيير البنيوي العميق الشامل لأننا في المرحلة التي يقال فيها عندما يصل النظام، أي نظام، إلى مرحلة لا يستطيع فيها أن يستمر فيما كان عليه، وعندما لم يعد الناس يقبلون اليوم ما كانوا يقبلونه بالأمس، تأتي اللحظة التاريخية التي إذا توفر فيها التنظيم والرؤية الواضحة كانت المعجزة.. ونأمل أننا نخوض ما يؤدي بنا إلى هذه المعجزة الأرضية، وليس شيئاً آخر..
معيشة الناس.. والأمن
ميدانياً الرصاص يواجه بالرصاص ولكن هناك ساحات أخرى للمواجهة الرصاص غير قادر على العمل بها، وأعنون اثنين منها فقط على سبيل المثال: معيشة الناس (الأسعار والسلع)، والأمن، وأفصّل قليلاً..
أفهم أننا محاصرون ومعاقبون وأوصال البلد مقطعة، ولكني لا أفهم كيف لبائعين بمسافة بينهما لا تتجاوز عشرين متراً أن تكون أسعارهما مختلفة، كيف للبائعين أن يتذرعوا بالدولار حتى لو انخفض سعر الدولار، هذه تفاصيل يمكن ضبطها ضن الإطار الذي نوجد فيه، ولا ذريعة أن نقول لن تحل مشكلة الأسعار والسلع والمعاش ما دامت الأزمة قائمة.. دخلنا على الوزارة ونحن نعلم بان الأزمة قائمة، ودخلنا وعلى أكتافنا آمال كبيرة بأن نكون جزءاً أساسياً من المعالجة الميدانية لهذه الأزمة وليس لانتظار أن تنجلي، لنكون قادرين على الفعل فيها.
أخيراً وبمناسبة حضور الرفيق (أبو أحمد فؤاد) من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أقول إنه في آخر مؤتمر قطري ما قبل السبعين لنا (البعثيون) كان البند الواضح جداً: اعتبار القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في نضالنا وعلى الموقف منها يحدد موقفنا من الأحزاب والدول والأفراد، واخترنا كذلك الأسلوب الذي تعلمونه جميعاً ودفعنا ثمنه غالياً بكل تواضع، والطريق الوحيد لهذا، هي طريق حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد، وأعتقد أننا نعلم جميعاً «أيلول الأسود» وما حصل فيه، وأين أصبحنا بعد شهر من هذا الحدث..
وطبعاً ما كان صالحاً بالأمس لا يزال صالحاً اليوم، وهذا أمر طرحه الرفيق قدري وطرحه الرفاق جميعاً بأن الطريق هو طريق التحرير والتعبئة يجب أن تكون عليه..
وأخيراً رجاء ونداء للجميع.. لننس الآن انتماءاتنا الإيديولوجية، لننس الآن أحزابنا، لا أن نتجاوزها، ولكن لنحمل الآن هوية واحدة وانتماءً واحداً هو الانتماء الوطني والهوية الوطنية الواحدة..
وللبعثيين الذين لا يزالون يحضنون الحزب كما أعرفهم في قلوبهم والقائمين اليوم في النظام، قلتها وأكررها، وذلك بناء على ملاحظتي أن هناك الشيء الكبير لدى هؤلاء من الرضى الذاتي.. وهو الذي أشلَ ويُشل، وعليهم جميعاً وهذا نداء ورجاء أيضاً أن يسألوا ما هذا الشيء الذي فعلناه وكان ناقصاً؟!، والأهم ما هو الشيء الذي كان علينا أن نفعله ولم نفعله..!
عندئذ ندخل في معالجة الأزمة تحت شعار هوية واحدة وانتماء وطني واحد. وفي كلمة أخيرة إذا كان مكتوباً علي بعد كل هذا القول أن أعيش في ظل «حمد» وما خلفه، ومن يقوده.. أعلن أمامكم جميعاً أني وفي ما أبقي لي من عمر أؤثر أن أعود إلى سجني.. ولا أعيش هذه المرحلة. وشكراً لكم
■■