«الرياض- طهران» وغيرها: ماذا وراء المبادرة الروسية؟
تتحدث الأنباء عن مبادرة روسية لتسوية العلاقات بين الرياض وطهران. وتأتي المبادرة في سياق دخول موسكو على خط الأزمات المتعددة في بلدان المنطقة، القديمة منها والجديدة، بدءاً من القضية الفلسطينية، واللبنانية، ومروراً بالأزمة السورية والليبية واليمنية، والخلاف الإيراني التركي، والتي تأخذ – جميعها- منحى تهدئة بؤر التوتر، وحل الخلافات عن طريق التفاوض.
إن ما يعطي أهمية استثنائية لهذه المبادرة الروسية الجديدة أنها نقلة نوعية في الجهد السياسي والدبلوماسي الروسي، الذي انتقل من التعاطي بـ«المفرق» مع الأزمات، أي حل كل أزمة على حدة، إلى مرحلة جديدة، يمكن تسميتها بحل القضايا بـ«الجملة»، فمن المعروف أن الخلاف السعودي - الايراني والصراع على النفوذ بين هاتين القوتين الإقليميتين، ترك ويترك تأثيره على جميع الأزمات التي تعصف ببلدان المنطقة، فكلما تعمق الخلاف بين هذين البلدين، ازدادت حدة الأزمات في كل بلدان المنطقة، أما حل هذه العقدة، أو مجرد وضعها على طاولة التفاوض، يمكن أن يسرّع حل الأزمات الأخرى كلها.
وبالرغم، من أن الطرفين لم يستجيبا حتى الآن للمبادرة الروسية كما صرحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلا أن مجرد طرح المبادرة يحمل ما يكفي من الدلالات، فهذه المحاولة تأكيد على تبلور مشروع روسي متكامل، ورؤية روسية ناضجة، تعزز من مكانة روسيا ودورها الدولي المتصاعد، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المبادرة تحمل حظوظاً كبيرة للنجاح، فالطرف الروسي أثبت خلال السنوات القليلة الماضية، وفي العديد من الأزمات، قدرته على لعب دور الوسيط الحيادي والنزيه، ونيل احترام الجميع، وتمكن من التقاط اللحظة التاريخية المناسبة للعب هذا الدور، بعد أن تم إنهاك جميع دول وشعوب المنطقة بجملة أزمات، مفتعلة من قبل المركز الغربي الرأسمالي سواء كانت أزمات ميدانية عسكرية، أو نهب اقتصادي بغية تفريغ ازمة المراكز على حساب بلدان الأطراف وخصوصاً الثرية منها.