حلب على «مذبح الجسم الانتقالي»!
لماذا هذا الفيض من مفردات الخطاب الحربجي في الإعلام مرة أخرى، ولماذا هذا التصعيد العسكري المجنون، وهل يبرر هذا التصعيد المسارعة إلى نعي جنيف، والحل السياسي؟
كان البعض يعتقد أن نشهد تراجعاً في منسوب الأعمال القتالية، مع انطلاق الجولة الثانية، وعلى الرغم من مشروعية هذا الاعتقاد من حيث المنطق، إلا أن واقع حال العملية السياسية في سورية يقول، باعتبار أن قوى الصراع المسلح، وتعبيراتها السياسية ذهبت إلى جنيف، تحت ضغط التوافق الدولي، أي أنها لم تذهب طواعية، فمن الطبيعي أن تحاول العودة بالأزمة إلى المربع الأول، وعرقلة الحل، أو تأجيله، أو تفصيله بما يتوافق مع مصالحها، بمعنى أخر، فأن التناسب بين تقدم العملية السياسية، و انخفاض الأعمال العسكرية لن يكون تناسباً طردياً في ظروف الأزمة السورية، على الأقل في المرحلة الأولى منها، بسبب ظروف انطلاقتها، ولكن يمكن التأكيد مرة اخرى، بأن الحل السياسي هو خيار موضوعي، وخيار الضرورة، وعليه، فأن ما يجري في حلب، رغم كل مخاطره، أو أي تصعيد في مكان آخر، لا يعني على الإطلاق أن أبواب الحل السياسي باتت مغلقة، كما يروج إعلام الدم، بل يعني العكس تماماً، وبالملموس، يعني أن قوى الحرب في الداخل والخارج، باتت محاصرة بالحل السياسي، حيث بدأت استحقاقاته الفعلية، من خلال البدء بالسير على طريق تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، وتستخدم ما تبقى لديها من أوراق، لمنع تشكيل الجسم الانتقالي، بعد أن جرى نقاش حول الموضوع بين الوفود المختلفة، واتضحت إمكانية طرح حلول إبداعية توافقية حوله، وهو الذي كان يعتبره البعض لغماً سيؤدي إلى نسف جنيف من أساسه، لاسيما وأنه كان قد سبق ذلك نجاح ملموس لهدنات في مناطق متعددة، وعليه، يمكن القول أنه مع كل تقدم في الحل السياسي، وكل محاولة لفك عقدة من عقد الأزمة، قد نشهد محاولة تصعيد بالأعمال القتالية، دون أن ينفي ذلك إن المسار العام سيتقدم بحكم إرادة أغلبية السوريين وتوافقها مع الإرادة الدولية.