المبعوث الأممي إلى سوريا: البلاد «على حافة الهاوية وعلى الشرع تصحيح المسار»

المبعوث الأممي إلى سوريا: البلاد «على حافة الهاوية وعلى الشرع تصحيح المسار»

حذّر مسؤول رفيع في الأمم المتحدة من أنّ سورية تقف على حافة الهاوية وتحتاج إلى «تصحيح مسار»، إذ إنّ الاشتباكات الطائفية وبطء وتيرة الإصلاحات يقوّضان المرحلة الانتقالية الهشّة التي تلت سقوط نظام الأسد.

هذه التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة جاءت على لسان مبعوثها الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في تصريحات له لصحيفة فاينانشال تايمز.

وقال المبعوث الأممي إلى سورية إنّ الطائفية وصعوبة تحقيق إصلاحات الحكومة الجديدة في النظامين القضائي والأمني قد خلقتا حالة من «القلق» داخل البلاد، ما قلّل من موجة التعاطف الأوّلي مع الرئيس أحمد الشرع.

وأضاف بيدرسون: «الوضع على حافة السكين» بحسب تعبيره، «هذا مدى خطورته. نحن نعلم جميعاً أنّ مثل هذه التحولات تحتاج إلى وقت، لكن عليه (الشرع) أن يقوم بما أسمّيه تصحيح المسار«.

وحذَّر بيدرسون أنه في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن «تتحول سورية إلى ليبيا»، في إشارة إلى الصراع والانقسام الذي حوّل الدولة الواقعة في شمال إفريقيا إلى رقعة من الأقاليم المتقاتلة بعد الإطاحة بالزعيم معمر القذافي عام 2011. وقال بيدرسون: «لا أحد يريد أن يحدث ذلك، لكنه خطر حقيقي».

هذا وتأتي هذه التحذيرات الصريحة للمسؤول الأممي بعد نحو عام من وصول فصائل مسلحة على رأسها هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني سابقاً) إلى العاصمة السورية دمشق من شمالي غربي البلاد من دون قتال بعد فرار الرئيس السابق بشار الأسد وإلقاء الجيش للسلاح.

وتابع تقرير فاينانشال تايمز بأنّ: هيئة تحرير الشام ما زالت القوة المهيمنة في الحكم، وقد تزعزعت ثقة السوريين بالقيادة بعد اندلاع معارك اتخذت طابعاً طائفياً.

وقال بيدرسن بحسب تصريحاته للصحيفة البريطانية: «الكثير من الناس يقولون لي إنّ هذه الأحداث تُظهر أنّه [الشرع] لا يستطيع السيطرة على رجاله، ويسألونني عن الرسالة التي يبعثها ذلك». وأضاف: «يخيّل إليّ أنهم لم يدركوا تماماً مدى خطورة ما يجري على العملية الانتقالية بأكملها».

وأعرب بيدرسن عن أسفه لبطء عملية دمج الفصائل العديدة التي ساندت وصول الشرع إلى السلطة في كانون الأول/ديسمبر 2024، وانضوت اسميّاً تحت حكومته، ضمن جهاز أمني رسمي موحّد. وقال بيدرسون إنّ الشرع «لا يشعر بأنه مستعد بعد» للشروع في إصلاحات أمنية، مضيفاً: «ما يحدث هو أن هذه الفصائل جميعها تؤسس إقطاعيّاتها الخاصة في أنحاء البلاد» بحسب وصف بيدرسون، وفي الوقت نفسه «تكافح الحكومة لممارسة سلطتها على مناطق واسعة من البلاد«.

فقد انسحبت القوات الحكومية من السويداء بعد اشتباكات تموز/يوليو، تاركة المحافظة معزولة إلى حدّ كبير وتحت سيطرة فصائل ترفض الانخراط في الإدارة الجديدة. وفي المقابل، تسيطر القوات قسد على معظم الشمال الشرقي.

وقال بيدرسن: «من الواضح جداً أن الشرع يريد منح الأكراد حقوقهم السياسية، لكن ما جرى على الساحل وفي السويداء عمّق انعدام الثقة» وأضاف أن التدخل «الإسرائيلي» زاد أيضاً «من تصلب مواقف الدروز ولا يحقق الاستقرار».

أشاد المبعوث الأممي بيدرسون (وهو نرويجي الجنسية ويتولى منصبه منذ عام 2019 وتقترب ولايته من نهايتها)، بتصريح الشرع بأنه سيسمح للجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة بالتحقيق في أحداث السويداء كما فعل سابقاً في الساحل. وأدان الشرع أعمال العنف وجرى اعتقال بعض عناصر قوات الأمن المتورطين فيها. غير أن بيدرسن شدّد على أنّ الحكومة تحتاج إلى المضي قدماً في عملية عدالة انتقالية للتعامل مع الجرائم المرتكبة سواء في عهد الأسد وتلك التي ارتكبتها قوات تابعة للشرع.

وقال بيدرسون إنّ الإدارة تغذي القلق الشعبي من خلال تعيين قضاة شرعيين من معاقل «هيئة تحرير الشام» في محافظة إدلب ضمن السلك القضائي.

أضاف بيدرسن أنّ الشرع أثبت أنه «براغماتي ويتعلَّم»، مشيراً إلى أنّ حجم الدمار والانقسام الذي تعانيه البلاد يجعل التحديات التي تواجه أيّ قائد يأتي بعد الأسد «هائلة». ومع ذلك، فإنّ الرئيس الجديد يحتاج إلى طمأنة السوريين بأنه يدرك مخاوفهم، «حتى لا يبدأ المخرّبون بالتحرك ضده»، على حدّ تعبير بيدرسون.

وقال بيدرسن إنّ الشرع «مرّ برحلة استثنائية. لديه سنوات طويلة من الخبرة في إدلب، وما فعله هناك كان في الأساس استمالة الناس عندما يستطيع، أو هزيمتهم عسكرياً عندما يعجز عن ذلك». وأضاف: «إذا أراد أن يستميل الناس في عموم سورية، فعليه أن يكون دقيقاً للغاية، لأنّ نوع الشرعية التي يمتلكها اليوم مختلف تماماً».

وختم بيدرسن قائلاً: «إنّ على السوريين أن يقتنعوا بأنّ ما يحدث هو بداية جديدة، لا مجرد ولادة نظام استبدادي جديد»

معلومات إضافية

المصدر:
فاينانشال تايمز