كيسنجر: على روسيا التخلي عن «أراضي أوكرانيا» وزيارة بيلوسي «لم تكن حكيمة»
في مقابلة جديدة لمستشار الأمن القومي الأمريكي، ووزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر، يوم الخميس 18 آب/أغسطس، تحدث عن أوكرانيا وروسيا والصين وتايوان، وذلك في مقابلة لأكثر من نصف ساعة مع قناة CNN الأمريكية، اطلعت عليها «قاسيون».
وطرح المحاور ديفيد أكسيلرود (في برنامج Axe Files على سي إن إن) على كيسينجر عدة أسئلة، كان من أبرزها بخصوص الأوضاع حول أوكرانيا وتايوان
– وفي إجابته على سؤال حول ما هي ردّة فعله تجاه زيارة بيلوسي إلى تايوان، قال كيسنجر:
«لقد فكرت بأنّه من غير الحكمة محاولة فعلها. لم أقل شيئاً علانيةً، ولكنني فكّرتُ بأن الأمر لم يكن حكيماً». وأضاف كيسنجر بأن زيارة بيلوسي «كانت الحركة التي أعطت الطرف الآخر فرصة التهديد الصريح حول الكيفية التي قد يحاصرون فيها تايوان. لقد كانت رحلة بيلوسي مجرد مثال واحد عن محاولة شخص ما في الخارج أن يتعامل مع القضية على أساس المواجهة...». وأضاف: «أعتقد أننا بحاجة إلى مقاربات جديدة لكلا الطرفين. لا يمكننا فعلها لوحدنا. إذا لم يتعاون الصينيون، فسوف تكون هناك مواجهة. وأنا غير مرتاح كثيراً، حيث تذهب من هنا إلى تايوان... إنه أمرٌ ملعون ينبغي على كلا الطرفين أن يقوما به، وينبغي على كل الطرفين أن يتحدّثا إلى بعضهما بعضاً حول ما يعتقدانه. ثمة كثير من القضايا التي يمكنهما الاختلاف بشأنها بسهولة. لكن هذه ليست قضية ينشأ فيها السؤال كلّ أربع سنوات حول من سوف يحمي أمريكا بشكلٍ أفضل. يجب افتراض أنّ من يحتلون المناصب يريدون أمريكا محمية. وعلى ذلك الشخص العمل لمساعدتهم سويةً لفعل ذلك».
– وفي سياق المحادثة بخصوص العلاقات الصينية الأمريكية، قال كيسنجر أيضاً:
«الآن، هل كان الانفتاح على الصين خطأ. لا أعتقد، أعتقد أن ذلك كان مفيدًا للولايات المتحدة لمدة 30 عامًا. ثم تطورت الصين بسرعة أكبر مما قد يتخيله أي شخص. وربما كان ينبغي للمرء أن يلقي نظرة على ذلك في وقت سابق. لأن ذلك أنتج قدرة الصين على جعلها ثاني أقوى دولة في العالم حتى نشأت مشكلة أساسية، وهي أننا اعتقدنا أن المصالح الأمريكية لدولة موجودة يمكنها التغلب على الولايات المتحدة. وهذا أوصلنا تلقائيًا إلى مواجهتها الخاصة. عندما كانت تلك النقطة حقًا التي أصبح من الواضح بعدها... ربما في نهاية إدارة أوباما أو في وقت مبكر من إدارة ترامب، بأن الخيار صار ما إذا كان يجب علينا التعامل معها عن طريق المواجهة أو ما إذا كان بإمكاننا محاولة التعامل مع هذا الوضع الفريد تمامًا عن طريق الحوار بالبداية وفي المقام الأول، لأن الشيء الفريد تمامًا بشأن الوضع هو أن كلا البلدين لديهما القدرة أحادية الجانب على تدمير العالَم. وإذا دخلا في صراع، فلا توجد قيود في التكنولوجيا ملازمة لها بحد ذاتها، وإذا نظرت حتى إلى الحرب العالمية الأولى وقارنت بها، تجد أنّ أيّاً من القادة الذين خاضوا الحرب العالمية الأولى ما كانوا ليتخيّلوا خوضها لو كانوا يعرفون ما الذي ستفعله بالعالم في النهاية. إنّ العالم الآن في صراع عسكري صيني-أمريكي سيبدو أسوأ بكثير مما كان عليه بعد الحرب العالمية الأولى. أعتقد أنه من واجب سياستنا وسياستهم الخارجية مناقشة القضايا التي قد تخرج عن نطاق السيطرة. ونحن لم نتعامل مع ذلك بشكل جيد. لقد بدأها ترامب، من وجهة نظري، ويتّبع بايدن السياسة نفسها تمامًا تجاه الصين».
– وبشأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، طرح المحاور على كيسنجر سؤال «ما الذي يعنيه بالنسبة لأوروبا؟ ما الذي يعنيه بالنسبة لنظام العالم القائم على القواعد، أن يدخل بلدٌ ما وينتزع بلداً آخر؟».
فأجاب كيسنجر: «أعتقد أن الإدارة [الأمريكية] على حقّ في ذلك بالضبط. وأنا أتفق بشكل أساسي مع الإجراءات التي اتخذوها لمقاومة الأمر لأنه كان من الضروري إظهار أنّ روسيا لا تملك الحق أو الإمكانية لفرض الأمر إلى الأبد بواسطة الحكم العسكري. هذا الجزء من الأمر أنا أتفق فيه تماماً مع الإدارة».
– ولدى سؤاله كيف سينتهي الأمر بخصوص أوكرانيا؟ أجاب كيسنجر: «هنا يكمن السؤال. يجب أن ينتهي بالمفاوضات».
وأوضح في السياق: «يجب أن تكون هناك مفاوضات وأنا أحذر من ترك الحرب تطول إلى أجل غير مسمى. لأنها ستصبح حينها مثل الحرب العالمية الأولى، مما يؤدي أو ربما يؤدي إلى التصعيد، لذلك آمل أن تتفق دول الناتو فيما بينها في القريب العاجل على ما يجب أن تكون عليه النتيجة وأن تبدأ في رؤية النتيجة التفاوضية الممكنة. لكنهم لا يستطيعون منح روسيا أي مكسب من حربها في أوكرانيا. القضية التي اقترحت أن يتم تلقيها – هي أنهم يجب أن يعودوا إلى الخط الذي كان موجودًا عندما بدأت الحرب، مما يعني أنه سيتعين على روسيا التخلّي عن نحو 15% إلى 20% من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها في هذه الحرب قبل وقف إطلاق النار».
– وتابع كيسنجر معتبراً أن روسيا «قد خسرت الحرب» على حد تعبيره «بمعنى أنّ الفكرة القديمة القائلة بأن روسيا يمكن أن تتقدم إلى أوروبا وتفرد نفسها، قد انتهت، لأنهم لا يستطيعون حتى هزيمة أوكرانيا، لذلك لا يمكنهم هزيمة الناتو، لذلك من المستحيل إقامة علاقة مع روسيا بحيث تعتبر روسيا نفسها ضمن هذه العلاقة جزءًا من أوروبا. ما هي روسيا التي ستكون، بالمحصلة نوعاً من صينٍ على حافة أوروبا. سوف أسعى للهدف السابق. أما كيف نحقق ذلك فهو ليس شيئًا سوف نحسمه في المحادثة هنا، بل سيكون هذا هدفي الاستراتيجي».
– بعد ذلك علّق المحاور طارحاً بأنّ: «الاكتفاء بالرجوع إلى الوضع القائم قد يكون قراراً صعباً سياسياً بالنسبة لزيلنسكي. أظن أنّ ما تقترحه أنت هو أنّ الناتو بحاجة إلى حديث قاسٍ معه؟»
فأجاب كيسنجر: «حسناً أنا لا أطلب من زيلنسكي أن يتخلّى عن أيّ شيء كان يمكن لأوكرانيا أن تتحدث عنه في بداية الحرب، وباقي الأراضي المتنازع عليها يجب أن تترك مفتوحةً للمفاوضات، ولكن ليس للحرب. وقد تستغرق وقتاً لكي تتم تسويتها، ولكنها فقط جزءٌ صغير من أوكرانيا».
معلومات إضافية
- المصدر:
- CNN