ليست هزيمة نتنياهو وحده

ليست هزيمة نتنياهو وحده

في منتصف الشهر الجاري فاز ائتلاف سياسي جديد بنتيجة التصويت في الكنيست «الإسرائيلي»، ليطوي كيان العدو بذلك ما يزيد عن عقدٍ من حكم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. فهل هي حقاً مجرد هزيمة لهذا الأخير كما تحاول بعض الأصوات أن تقول، أم أن الموضوع يتعدّى حدود الهزيمة الشخصية؟

لا بدّ من الوقوف عند بعض الوقائع التي تستند عليها الطروحات السائدة حول نتائج انتخابات الكيان حالياً والتي نرى أنها لم تستطع النفاذ إلى جوهر المسألة:

  • شكلياً، أدت خسارة حزب «الليكود» الذي ينتمي إليه نتنياهو في الانتخابات الحالية إلى طي صفحة حكم القوى الدينية المتطرفة في الكيان، وانتقال هذا الحكم إلى ائتلاف يضم طيف واسع من قوى «اليسار» واليمين والقوى العربية.
  • في الصحافة الأجنبية والعربية على حدّ سواء، ثمّة من يؤسس للقناعة بأن دخول القوى العربية إلى الحكومة لأول مرّة في تاريخ كيان العدو هو «الانتصار» الذي ينبغي أن يتم البناء على أساسه.
  • بالطريقة ذاتها، هنالك من يتنبأ بتغييرات على صعيد السياسة الخارجية للكيان نتيجة تغيّر طبيعة الائتلاف الذي استلم الحكومة حالياً.
  • بناءً على ما سبق، نرى اليوم من ينظر إلى خسارة نتنياهو بوصفها حداً أقصى للمكاسب التي يمكن أن يحصل عليها الفلسطينيون بعد الحرب الأخيرة، وفي المقابل منه من يستخف بهذه الخسارة «الإسرائيلية» نافياً فكرة انتصار الطرف الآخر من أساسها.

لكن نظرة متمهلة للعوامل سابقة الذكر من شأنها أن تكشف عما هو أكبر من حدود الهزيمة الفردية لنتنياهو، ومن ذلك:

  • صحيح أن «الليكود» خسر الانتخابات الحالية، لكن الأزمة ليست أزمة «الليكود» فحسب، بل أزمة الكيان الذي لم يعد قادراً على الاستمرار بتوليفة الحكم التي أمسكت زمام الأمور منذ 12 عاماً. ما دفع الأمور منذ حوالي السنتين إلى أعمق أزمة حكم في تاريخ الاحتلال الذي خاض خلالهما 5 انتخابات. ويضاف إلى ذلك، عدم القدرة على تصريف هذا الاستعصاء من خلال التصعيد العسكري، حيث بات بإمكان هذا الأخير أن يكون عاملاً في تسريع الأزمة، أزمة الكيان بـ«يساره» ويمينه وقواه السياسية على اختلاف مسمياتها ويافطاتها.
  • من هنا، وإن كان الانتصار الفلسطيني في المواجهة الأخيرة هو واحد من أسباب هزيمة نتنياهو وتفاقم أزمة الاحتلال، إلا أنه لا يمكن اختزال الانتصار بهذه الحدود فحسب، بل هو أشمل وأعم من ذلك ويتعلّق بشكلٍ أساسي في انفتاح الأفق الاستراتيجي لدى الجانب الفلسطيني، بما يسمح بانتزاع العديد من المكتسبات كتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، بمقابل ضيق وعوز الخيارات الاستراتيجية لدى العدو الذي يجلس اليوم فوق صفيحٍ ساخن، ينظر بعين إلى تطور العمل على استعادة الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية، وبعين أخرى إلى المستجدات الإقليمية التي تزيد من عمق الأزمة ومعها عمق الانقسام الداخلي، والأهم من كل سبق هو الظرف الدولي الجديد الذي لا يتيح للكيان أية هوامش مناورة تذكر.