النص الكامل لمقابلة د.قدري جميل على «فرانس24»

النص الكامل لمقابلة د.قدري جميل على «فرانس24»

استضافت قناة «فرانس24» قبل ظهر الجمعة 1/11/2013 في لقاء خاص الرفيق د.قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو رئاسة الجبهة لشعبية للتغيير والتحرير للوقوف  منه على سير التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر جنيف2 واستطلاع حقيقة وأبعاد إقالته من موقعه الحكومي كنائب اقتصادي. وفيما يلي النص الكامل لهذه المقابلة.

 

- هل تم إخباركم رسمياً بإقالتكم من منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أم أنكم قد سمعتم بها من وسائل الإعلام كما ذكرتم في وقت سابق؟

سمعت بها من وسائل الإعلام عندما كنت في موسكو، وأعتقد أنني حين أعود إلى دمشق سأبلغ بها رسمياً، وإلى الآن لم أبلّغ رسمياً مع الأسف الشديد، ولكن أعتقد أن الخبر صحيح.

- لقد قيل الكثير حول أسباب هذا القرار، فما هو السبب برأيكم؟

أنا مضطر لأن أعتمد على الصيغة الرسمية التي قالت بأني تغيّبت عن دوامي وبأني أقوم باتصالات سياسية غير مُتفق عليها مع الحكومة السورية. أعتقد أنه لا داعي للإجابة على القسم الأول من الصيغة، أما فيما يخص القسم الثاني فنحن في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وفي حزب الإرادة الشعبية، لم نكن نأخذ إذناً من أحد في اتصالاتنا السياسية قبل دخولنا إلى الحكومة، وخلال أكثر من عام في وجودنا في الحكومة لم نأخذ إذن أحد، وهكذا كان الأمر دائماً، فنحن قوة مستقلة نملك قرارنا ولا وصاية لأحد علينا، لذلك فإذا كانت الجهة التي أخذت قرار الإقالة ترى بأننا تجاوزنا صلاحياتنا فهذا حقها، من جهة، ولكن حقنا من جهة ثانية أن نمارس استقلاليتنا إلى الحد الذي نراه ضرورياً كحزب وجبهة لهما موقفهما المستقل. لقد دخلنا الحكومة كمعارضة وبقينا فيها كمعارضة وكنا نعي منذ البدء بأن هذه المرحلة عابرة واستثنائية وآنية ولا يمكن أن تستمر طويلاً وأعتقد بأنها وصلت إلى نهايتها المنطقية وأدت الدور المطلوب منها. وقد جاء دخولنا إلى الحكومة على أساس برنامج هدفه المصالحة الوطنية والمخرج السياسي.

- في هذه النقطة بالذات هناك من يقرأ هذه الإقالة أثناء وجودك في موسكو بأن النظام قد يرى بأن هذا الأمر هو انشقاق عنه وتموضع قبل جنيف2، فما رأيك بهذا؟

اسمح لي أن أقول بأن هذا الكلام سخيف جداً لأننا لسنا جزءاً من النظام لكي ننشق عنه، بل نحن معارضة، وهذا الكلام مردود على أصحابه لأنه لا يحمل أي أساس منطقي أو سليم.

- ولكنك تشارك في حكومة النظام كنائب لرئيس مجلس الوزراء!

لقد استفدنا من تجربة الفرنسيين بعد الحرب العالمية الثانية حينما أسسوا حكومة وحدة وطنية من أجل تجاوز مشاكل الحرب ونتائجها ولقد شارك الشيوعيون في هذه الحكومة وكان ديغول على رأسها، لذلك فالتاريخ يحتوي تجارب فرنسية وإنجليزية تقول بإمكانية إنشاء حكومات وحدة وطنية واسعة من أجل الخروج من لحظة آنية واستثنائية، لقد استفدنا كما قلت من هذه التجربة وأردنا تكرارها في بلادنا من أجل إيجاد مخرج من الأزمة، وجاءت خطوتنا في هذا الاتجاه لتشجيع باقي أطراف المعارضة للخوض في غمار هذا الموضوع، ونأمل أن نذهب في مؤتمر جنيف2 إلى حكومة وحدة وطنية شاملة، والحكومة التي كنا نشارك فيها هي حكومة وحدة وطنية مصغّرة.

- ألا يعد خروجك من سورية نوعاً من التموضع وهل هناك صفقة تريدون عقدها؟

لماذا تقول «خروج من سورية» ؟! أنا لم أخرج من سورية بل سافرت لتنفيذ مهام معينة، وبعد انتهاء هذه المهام سأعود فوراً إلى سورية، فأنا ما زلت عضواً في مجلس الشعب ولدي مهام على الأرض. لم يُخرجني أحد من سورية، بل خرجت بمهمة رسمية مكلّف بها من قيادة حزبي وجبهتي وسأعود فور انتهائها.

- لقد التقيتَ سابقاً بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بصفتك عضواً في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، فما الذي دار في هذا اللقاء؟

التحضير لجنيف2، فلدينا مشكلة حول شكل تمثيل المعارضة في المؤتمر ونحن نطرح أفكاراً جديدة ولا نوافق على الشكل المطروح سابقاً. وحتى الروس كانوا يطرحون أحياناً تمثيل المعارضة بوفد واحد، أما نحن فنرى بأن المعارضة تعددية، ويجب أن تكون على شاكلة سورية الجديدة وليس سورية الماضية، لذلك نحن نرى استحالة جمع المعارضة بوفد واحد لأن هذا الأمر ليس مفيداً حيث أنها ليست واحدة بل تعددية ومن الضروري والمفيد أن تكون كذلك. لذلك فنحن لا نوافق على أن يكون أحد أطراف المعارضة ممثلاً رسمياً وشرعياً واحداً لها.

- ولكن الابراهيمي قال اليوم إن عدم مشاركة المعارضة في المؤتمر سيؤدي لعدم انعقاده، وهو يقصد بهذا المعارضة التي ترفض المشاركة وهي الائتلاف السوري، فما تعليقكم؟

إن هذه ليست مشكلتنا، نحن نعتقد بأن المعارضة تعددية، فيها الائتلاف، وهيئة التنسيق، والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، والهيئة الكردية وقوى أخرى عديدة، وإذا امتنع أحد الأطراف عن المشاركة فهذا لا يعني بأن المعارضة لن تشارك، وبالتالي فإن تمثيل المعارضة ليس حكراً على طرف واحد، ويجب الانتهاء من عقلية الحزب القائد الأحادية وعقلية المادة الثامنة القديمة في الدستور السوري القديم. وهناك مفارقة اليوم هي أن الغرب الذي يمتلك تقاليد ديمقراطية هو من اقترح فكرة التمثيل الأحادي للمعارضة ويجب الإقلاع عن هذه الفكرة فهي مضرّة.

- تمت إقالتكم من نيابة رئاسة الحكومة وهذا يعني أن هناك خلافاً بينكم وبين النظام، ما هي حدة هذا الخلاف وشكله؟

الخلاف موجود منذ الأساس، فقد اتفقنا عند دخولنا الحكومة على بيان حكومي توافقي لا يمثّل أكثر من 10% من برنامجنا في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وكان عنوان هذا الاتفاق عملياً هو الحل السياسي والمخرج الآمن من الأزمة والمصالحة الوطنية، وأعتقد أن وجودنا في الحكومة قد دفع الأمور بهذا الاتجاه دفعاً جيداً، وقد تكون مهمتنا في الحكومة قد انتهت وسنذهب إلى حكومة وحدة وطنية شاملة. لذلك فنحن لسنا جزءاً من النظام بل دخلنا في حكومة ائتلافية مؤقتة ويبدو أن أحد الأطراف أراد أن ينهي هذا العقد وهذا حقه.

- ما موقفكم من موضوع اشتراط معارضة الخارج تنحي الأسد للبدء بالحوار، وهل تدعون أنتم أيضاً إلى ضرورة رحيل هذا النظام؟

دعني أقول ومع احترامي لمعارضة الخارج بأنها تجلس في الخارج مرتاحة، أما في الداخل فهناك شعب سوري مُحاصر وهذا الشعب يُقتل جوعاً ورصاصاً ومرضاً وهناك مأساة إنسانية حقيقية، وهذه المأساة هي همنا الأساس اليوم وليس تمثيلنا الوزاري والأمور غير الأساسية الأخرى، وكل جهودنا الآن متجهة بهذا الاتجاه.

المطلوب اليوم من كل السوريين موالاةً ومعارضة أن يتفقوا على إنهاء المأساة الإنسانية التي تجري في سورية، وهذا يتطلب حلاً سياسياً يجب أن يشارك فيه الجميع بعقلية لا غالب ولا مغلوب ومن يريد الاستمرار بهذه العقلية فهو لا يريد حلاً وبالتالي لا يريد إنهاء المأساة الحاصلة.

- هل أنتم ممن يقولون بأن الأسد سيلعب دوراً ما في المرحلة الانتقالية التي يتحدث عنها جنيف2؟

أعتقد أن هذا الأمر قد حُسم، وبأن موضوع تنحي الأسد قد شُطب من جدول الأعمال وهو باقٍ إلى نهاية ولايته، أما بالنسبة لحجم الصلاحيات التي سيتقاسمها مع الحكومة فهذا الأمر سيُبحث في جنيف بكل تفاصيله ولكن أعتقد أن هذا الموضوع قد تم حلّه توافقياً بين جميع القوى صاحبة العلاقة الأساسية، إلا أن بعض القوى الإقليمية التي لا مصلحة لها بحل الأزمة تقوم بإعاقة هذا الأمر قليلاً. لقد قلنا باكراً في الجبهة الشعبية بأن موضوع التنحي سيعيق الحوار ولذلك يجب شطبه والذهاب إلى طاولة الحوار وبعدها يُطرح كل شيء.

- هل تقصد بأن مسألة تنحي الأسد يمكن طرحها خلال المؤتمر؟

هناك من سيطرح الرحيل، وهناك من سيطرح البقاء، وبالتالي يجب أن نصل إلى توافقات لأن أحداً لا يستطيع فرض رأيه على أحد آخر، ولأن السلاح الوحيد الذي سيُستخدم في المؤتمر هو سلاح الإقناع.

- ما موقفكم في الجبهة الشعبية من رحيل الأسد ومن طرح هذه المسألة في المؤتمر؟

رأينا هو أن مؤتمر جنيف يجب أن يضع الأساس للتغيير الجذري الديمقراطي الشامل في البلاد وتغيير النظام اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بطريقة سلمية وتدريجية وإذا تم هذا الأمر فالشعب السوري هو من يقرر مصيره ومن رئيسه.

- قال رئيس الحكومة الفرنسية الذي يزور روسيا الآن بأن فرنسا تأمل بنجاح المؤتمر وأن يؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، ما موقفكم من هذه الحكومة الانتقالية؟

ليكن في علمكم بأننا أول قوة في العالم، وليس في سورية فقط تطرح ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة في شهر نوفمبر من عام 2011 كمخرج آمن وحيد من الأزمة، ونحن مسرورون اليوم كثيراً لأن العالم بأكمله يتحدث عن هذه الفكرة ويتبناها، وأعتقد أن ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي يعدّ تطوراً إيجابياً يتجاوز العديد من العثرات والهنات التي كانت تعتري الموقف الفرنسي سابقاً وهو موقف أكثر واقعيةً.

- تعتبرك صحيفة «ديلي تلغراف» بأنك الشخص الأكثر قرباً من روسيا وبأن موسكو تبحث اليوم عن رئيس توافقي جديد ليقود المرحلة، هل أنتم مستعدون لقبول عرض من هذا القبيل، وهل لإقالتكم علاقة بتحركات روسية؟

أولاً، أنا قريب من روسيا بقدر قرب روسيا من القضايا السورية وحلها العادل، ولقد اكتسبت روسيا بعد الصحوة الصينية الروسية المتمثلة بالفيتو المشترك الأول والثاني والثالث وزناً دولياً هاماً جداً لم يكن موجوداً خلال العقدين الماضيين منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وبدأت تأخذ مكانها الطبيعي في العالم وهذا أمر مفرح لكل الشعوب المقهورة والمظلومة.

أما فيما يخصني شخصياً، فإن هذا الموضوع يحدده الظرف الملموس ومن الباكر جداً الحديث في هذه النقطة، وعند حصول استحقاقات مشابهة عندكم في فرنسا، فلا يجري الحديث بهذه الاستحقاقات إلا قبل شهرين من حصولها.

- هناك من قرأ إقالتكم وأنتم في روسيا بأنها رسالة سورية إلى موسكو بأن النظام لا يريد قدري جميل، ما تعليقكم؟

لا أعتقد أن روسيا تتدخل في هذه التفاصيل، واسمح لي أن أقول بأننا في الجبهة الشعبية مناضلون ثوريون وآخر ما نفكر به هو المواقع الحكومية، وبالنسبة لموضوع إقالتي فقد أصبح وراءنا وهو لا يشغل بالنا نهائياً، والذي يشغل بالنا اليوم هو نزيف الدم السوري حيث أن المئات يُقتلون كل يوم في بلادنا وتأخير جنيف لشهر يعني سقوط آلاف جديدة من الضحايا ويجب أن يستيقظ الضمير العالمي والضمير العربي وأن يقوم السياسيون السوريون، موالاة ومعارضة، بدورهم المطلوب لوقف المأساة الإنسانية الجارية في سورية.

- قلتَ في الصيف الماضي بأن النظام بشكله السابق انتهى ومن المستحيل أن يستمر، فلماذا لا تطالب صراحة بإسقاطه وأنت تمثل المعارضة وهدف المعارضة هو الوصول إلى السلطة؟

لأننا استفدنا كثيراً من تجربة تونس ومصر، حيث أن شعار إسقاط النظام تحوّل إلى إسقاط رئيس وإبقاء النظام، أما نحن فنريد تغيير النظام تغييراً جذرياً وشاملاً بشكل سياسي واقتصادي واجتماعي كما قلت آنفاً، وبعد ذلك ينتخب الشعب السوري من يريد ومن يمثّله.

- تسعى موسكو الآن لتنظيم لقاء غير رسمي بين الابراهيمي وقوى المعارضة، هل يمكن أن تشاركوا في لقاء كهذا؟

لقد تلقينا دعوة للمشاركة وسنحضر هذا اللقاء.

- ماذا لو غابت معارضة الخارج عن مؤتمر جنيف؟

«الغائب ذنبه على جنبه»، والقطار يسير وأنا أنصح الجميع بالحضور لأنه لا يمكن تأجيل هذه العملية وقد قلت سابقاً بأن جنيف لا رادّ له وهو ضرورة وهو قد بدأ عملياً وإذا عُقد فإن انعقاده سيكون بمثابة تتويج للنقاش والحراك الذي ترونه أمامكم اليوم.

- إذن فقد بدأ المؤتمر دون مشاركة معارضة الخارج؟

عندما تقول معارضة الخارج بأنها لا تريد الحضور وعندما تضع شروطها فهي تشارك بجنيف عملياً على طريقتها.

- هل أنت متأكد من حتمية انعقاد جنيف وعدم تأجيله؟

من المؤكد أن الجلسة النهائية من جنيف ستُعقد لأنه قد بدأ.

- كيف تنظرون إلى التحركات الفرنسية رغم أنها قليلة في الأيام الأخيرة؟

لن أتحدث عن الموقف الفرنسي سابقاً بل سأترك التاريخ أن يحكم عليه، ولكن أقول بأن هناك فرصة تاريخية ذهبية اليوم لإعادة النظر بكل المواقف السابقة، والجميع يعيد النظر الآن والذكي هو من يعيد النظر بمواقفه وينسجم مع الاتجاه العام لحركة التاريخ.

- كيف تنظرون إلى وساطة الابراهيمي؟

نرى بأن هذه الوساطة تلعب دوراً إيجابياً حتى الآن لأنها عملياً محصلة توافق دولي.

- هل تؤكد لنا بأنك ستعود قريباً إلى سورية؟

سأعود فور انتهاء النشاطات المدعو إليها خارجياً.

- هل يمكن أن يكون هناك تواصل بينكم وبين معارضة الخارج وهنا أقصد الائتلاف السوري؟

سيتم التواصل بقدر اقترابه (الائتلاف) من أهداف جنيف.