روسيا تستخدم حق النقض ضد مشروع قرار بإنشاء محكمة دولية بشأن كارثة "الماليزية"
استخدمت روسيا حق النقض في مجلس الأمن الدولي الأربعاء 29 يوليو/تموز ضد مشروع قرار بشأن إنشاء محكمة دولية لمحاسبة المسؤولين عن كارثة الطائرة الماليزية شرقي أوكرانيا العام الماضي.
وصوت لصالح المشروع المقدم من قبل ماليزيا 11 دولة عضوا في مجلس الأمن الدولي، فيما امتنعت 3 دول (أنغولا وفنزويلا والصين) عن التصويت.
وفي ختام الجلسة أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين جاهزية موسكو "لمواصلة دعمها لإجراء تحقيق مستقل وموضوعي يبحث أسباب تحطم الطائرة الماليزية وملابساتها، استنادا إلى قرار 2166 لمجلس الأمن الدولي، وذلك بهدف معرفة المسؤولين عنها ومعاقبتهم لاحقا".
وفي توضيح استخدام روسيا لحق النقض لدى التصويت قال الدبلوماسي إن مشروع القرار المطروح "لم يكن له أي أساس قانوني أو سابقة"، الأمر الذي شرحته روسيا مرارا للدول الأعضاء في المجلس، بحسب قوله. وأضاف أن أصحاب مشروع القرار تصرفوا بدوافع تغلبت فيها الأهداف السياسية والدعائية على الأهداف العملية".
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الهولندي مارك ريوتي أن موقف روسيا من فكرة إنشاء محكمة في قضية إسقاط الماليزية، غير قابل للتعديل، باعتبار إنشاء مثل هذه المحكمة أمرا غير مناسب.
وجرت المكالمة الهاتفية وهي الثانية منذ أسبوعين، بمبادرة من الجانب الهولندي.
وجاء في بيان أصدرته الدائرة الصحفية للكرملين الأربعاء 29 يوليو/تموز بشأن المكالمة أن الطرفين واصلا بحث المسائل المتعلقة بالتحقيق في تحطم الطائرة الماليزية في يوليو/تموز عام 2014.
وأشير في البيان إلى أن "هناك أسئلة كثيرة حول التحقيق في الكارثة، تشمل مسائل قاعدة الأدلة التي جمعها التحقيق، وكذلك عدم السماح بمشاركة روسية تذكر في إجراء التحقيقات، ونحن على استعداد للتعاون الوثيق من أجل توضيح أسباب وملابسات هذه المأساة".
كما عبر بوتين عن أسفه لعدم تأييد الدول الداعية لإنشاء محكمة دولية، مشروع قرار قدمته روسيا بشأن كارثة الطائرة الماليزية.
وكان بوتين قد شرح لريوتي خلال المكالمة الهاتفية السابقة بينهما موقف روسيا من المبادرة الخاصة بإنشاء محكمة دولية لملاحقة الأشخاص المسؤولين عن تدمير الطائرة الماليزية، باعتبار هذه المبادرة سابقة لأوانها وهدامة.
كما دعا الرئيس الروسي إلى الكف عن تسريب معلومات عن مختلف الفرضيات المسيسة بشأن أسباب الكارثة إلى وسائل الإعلام، واصفا هذه التصريحات بأنها غير مقبولة.
وتخشى موسكو من سوء استخدام مثل هذا القرار من قبل الدول الغربية التي سبق أن سارعت، فور تحطم الطائرة، إلى توجيه أصابع الاتهام إلى قوات الدفاع الشعبي المعارضة لكييف في شرق أوكرانيا، رغم عدم وجود أي أدلة دامغة تثبت تورط تلك القوات، نظرا لعدم امتلاكها أسلحة قادرة على إسقاط طائرة تحلق على ارتفاع 10 كيلومترات.
أما فريق التحقيق الدولي، فلم يقدم بعد نتائج نهائية، إلا أنه أكد في تقرير أولي له أن الطائرة أسقطت بواسطة صاروخ، دون أن يوضح ما إذا كان هذا الصاروخ أطلق من الأرض أو من طائرة أخرى.
هذا وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن روسيا ستستخدم حق النقض (الفيتو) في حال طرح المشروع للتصويت، واصفا هذه المبادرة بأنها متهورة ومحفوفة بالمخاطر.
وقال تشروكين: "إننا سنصوت ضد المشروع، لا شك لدي في ذلك، إذا نال المشروع 9 أصوات أو أكثر، فسيعني ذلك استخدام حق النقض الفيتو".
وذكر الدبلوماسي الروسي أن لموسكو اعتراضات كثيرة فيما يخص الجوانب القانونية والعملية والسياسية لمشروع القرار.
وأعاد إلى الأذهان أنه أول مرة تتخذ فيها محاولة لاعتبار كارثة جوية "تهديدا للسلام والأمن الدوليين"، وإنشاء محكمة دولية بشأنها تحت الفصل السابع، وذكر بأن الحديث لم يجر عن إنشاء أي محاكم لشأن طائرة الركاب الروسية التي أسقطها دفاع الجوي الأوكراني في عام 2001 أو الطائرة الإيرانية التي أسقطتها الولايات المتحدة.
كما ربط تشوركين موقف روسيا الرافض لقيام المحكمة، بالصفة السرية التي يتميز بها التحقيق في الكارثة، علما بأنه من غير المخطط نشر نتائج التحقيق، بل رفعها دون الكشف عنها للراي العام، إلى المحكمة الدولية. ويخشى تشوركين أن تستخدم أوكرانيا المحكمة تحت هذا الستار من السرية لفبركة الأدلة بهدف تشويه سمعة روسيا.
وكانت روسيا قد قدمت إلى مجلس الأمن مشروع قرار بديلا بشأن ملاحقة المسؤولين عن إسقاط الطائرة، يقترح تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة يعنى بدعم التحقيق، ولا يذكر مشروع القرار الروسي فكرة إنشاء محكمة، لكنه يطالب جميع الدول بالتعاون في ملاحقة المذنبين بعد انتهاء التحقيق.
وكانت طائرة "بوينغ" تابعة للخطوط الجوية الماليزية التي كانت تقوم برحلة "MH17" من أمستردام إلى كوالالمبور يوم الـ17 يوليو/تموز عام 2014، قد تحطمت في أراضي مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا، في منطقة تجري فيها عمليات قتالية بين القوات الأوكرانية وقوات الدفاع الشعبي التابعة لجمهورية دوينيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، وأسفرت الكارثة عن مقتل جميع ركاب الطائرة وعددهم 283 شخصا والطاقم المكون من 15 شخصا، وفي 21 يوليو/تموز عام 2014، أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا دوليا طالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل في ملابسات الكارثة.