إفتتاحية قاسيون 712: المهمة الأعلى: الحفاظ على سورية!
تشير التحركات الدبلوماسية الجارية، والمتعلقة بالشأن السوري، إلى اقتراب موجة جديدة من العمل على مسألة الحل السياسي، ذلك أنّ العمل على هذه المسألة مستمر طيلة الوقت، وإن بوتائر متفاوتة، بالتوازي مع استمرار الحريق على الأرض.
إنّ ما ينبغي التأكيد عليه على مشارف الموجة القادمة هو ما يلي:
أولاً: إنّ الظروف الموضوعية، الإقليمية والدولية والداخلية، قد نضجت منذ سنتين على الأقل للدخول في عملية الحل السياسي. وإنّ كل عمليات التمترس والتشدد- إضافة لما كلّفته وتكلفه من تدمير كارثي لسورية وللسوريين- أضعفت وتضعف مواقع المتشددين أنفسهم باستمرار وبتسارع متزايد.
ثانياً: إنّ شعار «الحرب على الإرهاب» الذي ترفعه أطراف مختلفة، كل طرف من موقعه وحسب فهمه ومن منطلق أنه «الوحيد القادر على ذلك»، أثبت على الأرض أنّه شعار غير قابل للتطبيق في ظل انقسام السوريين فيما بينهم، وفي ظل غياب الحل السياسي. بل، وأثبتت مساعي القضاء على الإرهاب إلى الآن، سواء من طرف النظام أم من طرف «التحالف» الأمريكي، أنّ استمرار التمترس المعلن أو غير المعلن عند «الحسم» و«الإسقاط»، يشكل البيئة الأفضل لنمو الإرهاب وتوسعه وتعاظم خطره، ومرة أخرى بحكم تمدده وانتشاره استناداً إلى الانقسام السوري، أولاً. وإن إعادة توحيد السوريين عبر الحل السياسي سيثبت أن «البعبع» الداعشي أضعف من الدخول في مواجهات حقيقية، غير الترهيب والتنكيل بالمدنيين العزل.
ثالثاً: إنّ الإبقاء على «رفض التدخل الخارجي» و«الحفاظ على السيادة الوطنية»، في دائرة المقولات والشعارات دون الانتقال لتثبيتها عبر الحل السياسي، بات يعني عملياً مزيداً من التدخل الخارجي، ومزيداً من التعدي على السيادة الوطنية، وهو ما يعني أنّ التحقيق الفعلي لهذين الشعارين، بعيداً عن الاستثمار السياسي الضيق، يمر عبر طريق وحيد هو طريق الحل السياسي الذي لا ينبغي السماح بتأخيره أكثر.
رابعاً: غدا واضحاً للجميع أنّ عمل أعداء سورية المختلفين، وعلى رأسهم واشنطن والصهيونية العالمية، إنما يستهدف أولاً سورية وشعبها، ويستخدم الصراع غير المعلن على مسألة الحكم أداة رئيسية في ذلك. وهو ما يؤكد الحقيقة الثابتة بأنّ المهم، أولاً وأخيراً، ليس مسألة الحكم، بل مسألة إنهاء الكارثة الإنسانية العاصفة بالبلاد، وبقاء سورية موحدةً أرضاً وشعباً، وضمن الخط المعادي لواشنطن والصهيونية وحلفائهما.
خامساً: إنّ تأخراً إضافياً في الذهاب نحو الحل السياسي سيلغي موضوع ذلك الحل، أي أنّه سيلغي سورية نفسها، ويكرس تقاتل السوريين وبقائهم لاجئين هنا وهناك، وللمفارقة فإن ذلك سيرمي ضمناً بمتشددي الطرفين خارج اللوحة نهائياً لمصلحة «أمراء جدد» لحرب طاحنة تستمر سنوات طويلة قادمة فاتحة باب المجهول على الإقليم بأسره.
إنّ الخيار الوحيد أمام الشعب السوري، للحفاظ على دولته ووحدته، هو الذهاب السريع نحو الحل السياسي وتطبيق بيان جنيف 30 حزيران 2012، والذي يضمن تطبيقه وقف التدخل الخارجي، ووقف العنف، وإطلاق العملية السياسية، وهو ما سيسمح بتأمين الضغط الدولي اللازم لوقف إمدادات الإرهاب من جهة، وبتأمين الحد الضروري من الوحدة الوطنية الداخلية لمحاربته وإنهائه، من جهة أخرى.