آثار الطاقة الحيوية على الأمن الغذائي

آثار الطاقة الحيوية على الأمن الغذائي

أشار عدد من خبراء الطاقة النباتية، إلى أنه إذا كانت الإمكانات التي توفرها الكتلة البيولوجية واعدةً في توفير الطاقة، إلا أنها تنتج كذلك مخاطر في مجال الأمن الغذائي في الدول النامية.

كما يحذر بعض الخبراء، من أن استخدام الغذاء لإنتاج الوقود قد يجهد الموارد الشحيحة أصلاً من الأراضي المزروعة والمياه حول العالم، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء أكثر. تستطيع الطاقة الحيوية أن تمنح قطاع الزراعة حيويةً جديدةً، وأن تعزز التنمية الريفية وأن تخفف من وطأة الفقر. غير أنها إن لم تجر إدارتها على نحو مستدام، يمكن أن تهدد الأمن الغذائي بصورة خطيرة، ما يعوق وصول بعض السكان الأكثر تعرضاً إلى إمدادات الأغذية. كما تساعد الطاقة الحيوية في التخفيف من آثار تغير المناخ، في المقابل، لن يتسنى لها ذلك إذا جرت إزالة الغابات والمستنقعات من أجل زراعة المواد العلفية لتوليد الطاقة. وقد يقدم إنتاج الوقود الحيوي من مخلفات الزراعة والغابات بديلاً في هذا المجال، غير أن التكنولوجيا اللازمة لذلك لم تزل غير قابلة للتطبيق على نحو تجاري. ولذلك، يواجه المخططون تحدياً يتمثل في حساب الكيفية التي يمكن بها استغلال الفرص المتاحة لإنتاج الطاقة الحيوية مع كفالة قدرة السكان على الاستمرار في زراعة إمدادات الأغذية الكافية أو شرائها. 

وما زالت هذه الطاقة الحيوية التقليدية من الخشب والمخلفات العضوية تقدم نحو 95% من احتياجات الطاقة في البلدان النامية وتشكل مصدر طاقة لدى 2,4 مليار شخص. وكان الاهتمام باستحداث أشكال حديثة من الطاقة الحيوية مثل: الوقود الحيوي السائل قد برز في سبعينات القرن الماضي، ومن ثم تطور بسبب الرغبة في توفر إمدادات طاقة أكثر تنوعاً، ونواحي القلق بشان تغير المناخ، وارتفاع أسعار النفط الخام بصورة قياسية في الوقت الحاضر. وقد حظي الوقود الحيوي السائل المستخدم في النقل في الآونة الأخيرة بالقسط الأكبر من النمو، حيث يشكل 2%من الوقود المستخدم في النقل على الطرق في العالم. وتشير التقديرات إلى أن هذه النسبة سوف ترتفع بحلول العام 2030 إلى 5%. كما تتمتع البلدان النامية الواقعة في المنطقة الاستوائية بميزة نسبية في مجال زراعة المواد العلفية اللازمة لتوليد الوقود الحيوي، ولكن النمو في الطلب عليه يتركز حالياً في البلدان الصناعية. ويجري الحصول على هذه المواد لتوليد الوقود الحيوي في الوقت الحاضر من محاصيل الأغذية، ومن ضمنها قصب السكر والذرة ونخيل الزيت وبذر اللفت الزيتي، ما يؤثر على إمدادات الأغذية. 

المنافسة على الموارد الطبيعية

يؤدي إنتاج الوقود الحيوي إلى المنافسة على الموارد الطبيعية كالأراضي والمياه، ويسبب تغييراً في استخدام الأراضي. وبالتالي، تزداد المخاطر التي تواجه الأمن الغذائي بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وذلك حينما تكون الطاقة الحيوية مرتكزةً على محاصيل الأغذية أو استخدام أراض أو مياه كانت تستخدم لإنتاج الأغذية. كذلك، تكون المنافسة أكثر حدّةً في إنتاج الوقود الحيوي السائل منها في حالة إنتاج الكتلة الحيوية، من أجل التدفئة وتوليد الكهرباء. واستناداً إلى التكنولوجيا الحالية، يسهم التوسع السريع في إنتاج الوقود الحيوي السائل بصورة ملموسة في رفع أسعار الأغذية، ما يلحق الضرر بالمستهلكين في المدن وفقراء الريف. 

يعاني العالم راهناً نقصًا في الاحتياطي من الحبوب بجميع أنواعها، يقدر بـ 61 مليون طن، وفق بعض التقديرات الدولية، التي أشارت أيضاً إلى أن الإنتاج العالمي لن يلبي الطلب الراهن عليه، ما يفسر تراجع ذلك الاحتياطي إلى أدنى مستوى له منذ العام 1972، حيث وصل إلى 56 مليون طن يومياً. ويتعرض مخزون الاحتياطي العالمي من الحبوب لهدر كبير من خلال عمليات إنتاج الوقود الحيوي التي تستهلك المخزون والفائض الغذائي العالمي. ومع النقص الحاد في الاحتياطي العالمي من الحبوب فإن هناك خطراً كبيراً على الأمن الغذائي لدول الجنوب بصفة عامة. يتوزع استهلاك الحبوب على النحو التالي: 60% للاستهلاك البشري، 36% غذاء للحيوان والماشية، و3 % لتصنيع المحروقات، وخصوصاً الوقود الحيوي. لا تتجاوز الزيادة السنوية في الإستهلاكين البشري والحيواني أكثر من 1%، بينما يرتفع استهلاك الحبوب لتحويله إلى وقود حيوي، وهو يعتبر من بدائل النفط، بنسبة 20% سنوياً،  ولعل ما يجري في العديد من دول إفريقيا من تعديل للدورة الزراعية بهدف إنتاج مزروعات تستخدم في إنتاج الوقود الحيوي، يضر كثيراً بخطط الاكتفاء من الحبوب في دول الجنوب بصفة عامة، وتتولى شركات النفط، استثمار مئات الملايين من الدولارات في زراعة الجاتروفا وهي مصدر رئيس لإنتاج الوقود الحيوي. 

ضحايا للاحترار العالمي

يشار إلى أن بعض الشعوب، هم ضحايا جهود التصدي للاحترار العالمي، مثل تعرية الأراضي والغابات لزراعة محاصيل الوقود الحيوي. حيث يُحَرم السكان المحليون مصادر رزقهم. 

وتشير التقارير إلى أن الاستعمال المكثف للنباتات المعدلة وراثيًا لتعزيز إنتاج محاصيل الوقود الحيوي يهدد بأخطار غير مسبوقة، ولا تُعرف أبعادها. إذ بينت دراسات عدة أنه أكثر ضررًا للبيئة وللبشرية مما كان يعتقد أصلاً، فهو يزيد الطلب على المحاصيل الغذائية ويرفع أسعارها. وأهم أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إضافةً إلى زيادة إنتاج الوقود الحيوي، الذي حوّل استخدام الأراضي الزراعية والمحاصيل عن الإنتاج الغذائي، موجات الجفاف التي أدت إلى تدمير المحاصيل في دول مثل: أستراليا، وارتفاع الطلب على الغذاء في الصين والهند العام 2007، وارتفاع أسعار النفط. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
800