تقنيات حصاد المياه في البادية السورية

تقنيات حصاد المياه في البادية السورية

تحت عنوان الجدوى المالية لتقنيات حصاد المياه في البادية السورية، قدم كل من الدكتورة عبير منلا حسن، والدكتور إسكندر إسماعيل والدكتور كامل شديد بحثهم في مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية.

يركز البحث بشكل رئيس على وصف نظام حصاد مياه الأمطار الآلي في المواقع الصغيرة، وتقويم ربحيته في موقعين تجريبيين من المراعي السورية (محسّة في القريتين، والشيخ هلال في السلمية). نفذت هذه التجربة في خريف 2004 وتم الحصول على نتائج في ربيع 2007ـ وتعتمد بشكل رئيس على تشكيل خطوط كنتورية (على ارتفاعات متساوية) وأكتاف ترابية هلالية الشكل بمسافات بينية فيما بينها فضلاً عن زراعة بعض أنواع الشجيرات الرعوية المقاومة للجفاف (الرغل الملحي، الرغل السوري والروثة) ضمن تلك الأكتاف الترابية، وقد أجريت التجربة باستخدام عدة معاملات، وبأعداد متساوية من الشجيرات الرعوية المزروعة لكل معاملة، بهدف الاستفادة من مياه الجريان المطري الناجم عن التقنيات المتعددة من حصاد مياه الأمطار. تمت مقارنة تقنية حصاد المياه الآلي باستخدام آلة الفاليراني مع التقنيات الأخرى، وذلك بالاعتماد على معايير الجدوى المالية من جهة، وعلى معدل المادة في النباتات الرعوية الناجمة عن كمية الأمطار المحجوزة ضمن تلك الأقواس، أو التشكيلات الترابية من جهة أخرى.

أظهرت النتائج تفوق تقنية حصاد المياه (الفاليراني) بجميع المعاملات المتبعة (مستمر 12 م)، (مستمر 6م))، (متقطع 6م) عند مقارنتها بتقنية حصاد الأمطار بالأخاديد المنفذة بالجرار العادي والتي تدعى (باكستاني 12م) و(باكستاني 6م) وكذلك الأمر عند مقارنتها بـ (يدوي 12م) و(يدوي 6م) إضافة إلى الشاهد.

ظروف البادية السورية

تتصف مناطق المراعي في البادية السورية بظروف جوية قاسية، وبندرة الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والغطاء النباتي، ويعد مستوى ندرة الموارد في مناطق البادية السورية من أعلى المعدلات في العالم، حيث يتفاوت بشكل كبير توافر مياه الأمطار بسبب الجفاف المتكرر، والذي يؤثر سلباً في كل من النباتات والتربة. فضلاً عن قلة الأمطار، فإن هناك ضياعاً شديداً لمياه الأمطار بالريان السطحي، إما عن طريق تبخرها، أو فقدها في تجاويف ملحية، ناهيك عن الرعي الجائر والمبكر، والذي سبب ضغطاً على المراعي بحمولات حيوانية تفوق طاقة المرعى في هذه المناطق، بالإضافة إلى فلاحة مساحات واسعة من أجود أراضي المراعي /الفيضات/ والتي تعد المخزن العلفي الأساسي للحيوانات ومصدر انتشار البذور الرعوية، وأصبحت تلك المراعي الطبيعية تعاني من تدهور خطير في غطائها النباتي وتناقص في الشجيرات والنباتات المستساغة رعوياً، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأحوال المعيشية لسكان البادية لاعتمادهم بشكل رئيسي على تربية الأغنام كمصدر لرزقهم، علماً أن زيادة الفقر تزيد من استنزاف التربة والغطاء النباتي ومن ثم إلى زيادة مشاكل التدهور.

أهداف البحث

نتيجة للرعي الجائر وتدهور الغطاء النباتي، وقلة وتفاوت المعدل السنوي للأمطار، كان لا بد من اتباع بعض التقنيات التي تحافظ على الموارد المائية المطرية، لتخفف من فقدانها، ومن ثم من مشاكل التدهور. ومن أهم تلك التقنيات تقنية حصاد مياه الأمطار الآلي باستخدام آلة الفاليراني فضلاً عن تقنيات أخرى كالباكستاني واليدوي، ومن ثم معرفة الجدوى المالية لهذه التقنيات ومقارنتها، ونشر التقنية الأكفأ اقتصادياً في ظروف البادية السورية.

توصيف تقنية الفاليراني

سمي نام حصاد المياه الآلي المستخدم في التجربة بتقنية الفاليراني تيمناً بمخترع آلة الفاليراني التي يمكن تعليقها في نهاية جرار هيدروليكي، وهذه الآلة قادرة على تشكيل التربة بأشكال مختلفة على عمق 80 سم، وذلك بإنشاء حواجز نصف دائرية على خطوط كنتورية لحصاد مياه جريان الأمطار أو التقاطها. تكون هذه الكونتورات مضلعة الشكل إما متواصلة أو متقطعة، ذات أرصفة دائرية على مسافات متباينة فيما بينها، ومن ثم تزرع ضمن هذه الأقواس العديد من الشجيرات الرعوية.

يتم قياس كفاءة هذه الآلة بأربعين هكتاراً يومياً، ويجب الأخذ بالحسبان العوامل الأخرى الملائمة لتطبيقات حصاد مياه الأمطار جميعها مثل: كمية الهطول المطري وتوزعه، وطبوغرافية الأرض ونوعية التربة، وعمقها والعوامل الاجتماعية-الاقتصادية المحلية والمؤسساتية، التي يمكن أن تؤثر في نجاح هذه التقنية واستدامتها.

التوصيات

ينصح البحث باستخدام تقنية حصاد المياه بآلة الفاليرني في البادية السورية، إذ أثبتت تفوقها على التقنيات الأخرى، كون أن نسب المنافع/التكاليف أكثر من الواحد في المعاملات جميعها، مما يؤكد أن تيار المنافع أو الإيرادات أعلى من تيار التكاليف، نظراً لكفاءة الآلة العالية من حيث سرعة التنفيذ وقلة العمالة المطلوبة، والتكلفة المنخفضة للصيانة السنوية للحواجز الترابية، كما أن مدة استرداد رأس المال أقل بمقارنتها بالتقنيات الأخرى، ناهيك عن معدل العوائد الداخلية التي تجاوزت تكلفة الفرصة البديلة لرأس المال في معظم معاملات حصاد المياه الآلي.

بالإضافة إلى الجانب البيئي الذي تتجلى منافعه بتوافر المادة الجافة، أو المصدر الرعوي، وإعادة إحياء النظام البيئي بشكل متوازن، والحفاظ على التنوع الحيوي الذي تفوق قيمته الاقتصادية حدود التصور.