هل ستهيمن الطاقة المتجددة على مصادر توليد الكهرباء؟
حسام الماني حسام الماني

هل ستهيمن الطاقة المتجددة على مصادر توليد الكهرباء؟

تقرير جديد يُعدّ عام 2015 علامة فارقة في توليد الطاقة النظيفة. فمع نموها بمقدار 153 جيجاواط، ولّد البشر أكثر من نصف الطاقة السنوية الإضافية.

 

الأرقام لا تكذب!

أخذت الطاقة المتجددة تحرز تقدماً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، ويشهد على ذلك تقرير لوكالة الطاقة الدولية، حيث يقول: إنه في عام 2015 «شكلت الطاقة المتجددة لأول مرة، أكثر من نصف صافي الإضافات السنوية لاستطاعة الطاقة، متجاوزةً بذلك الفحم من حيث الاستطاعة التراكمية في العالم». ويبيّن التقرير أن النمو في الاستطاعة السنوية للطاقة المتجددة وصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، ويبلغ حوالي 156 جيجاواط. وقد تحقق هذا الإنجاز الكبير بفضل الإضافات القياسية لطاقة الرياح الشاطئية والخلايا الشمسية الكهرضوئية اللتين تساهمان بـ 63 جيجاواط و49 جيجاواط على التوالي.

ويشير التقرير أيضاً إلى: خفض تكاليف توليد الطاقة مع» أسعار منخفضة انخفاضاً قياسياً، وتعويضاتها على المدى الطويل، بحيث تتراوح بين 30 إلى 50 دولاراً لكل ميجاواط ساعي، في كل من محطات التوليد بالرياح والطاقة الشمسية. ويبيّن أحد الإحصاءات المذهلة على نحوٍ خاص أنه في كل يوم يجري تركيب 500 ألف لوح شمسي في أنحاء العالم جميعها.

 

الصين في طليعة الطاقة النظيفة

قدمت التغيرات في السياسة والآفاق السوقية الأفضل لمصادر الطاقة المتجددة، البيئة المواتية للتوسع في أربع مناطق رئيسية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين والهند. وتُعد الصين في طليعة العالم كله من حيث توسعة مصادر الطاقات المتجددة، إذ حققت نمواً بنسبة 40 في المئة، ويرجع ذلك إلى رغبتها في خفض تلوث الهواء وسياساتها التي تفضّل تلك الطاقة.

ويُعتبر التقرير إنجازاً هائلاً لكل من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إذ يمكن أن يروج للطاقة المتجددة في البلدان الأخرى التي لا تزال تشكك بها. كما يُعد ذلك أنباءً جيدة قبل المصادقة على اتفاقية باريس، التي تهدف إلى خفض الانبعاثات في الدول التي وقعت عليها جميعها. ويعتمد تحقيق هذا الاتفاق على تبني البلدان للطاقة النظيفة، فهي لا تُصدر الانبعاثات وأسعارها آخذةٌ في الانخفاض، كما أن الطاقات المتجددة أصبحت بالفعل منطقية أكثر من أي وقت مضى.

 

إسبانيا تخطو باتجاه الطاقة المتجددة 100%

تنتج إسبانيا طاقة الرياح الكافية لتزويد الملايين من المنازل بالطاقة يومياً، وهي تعتقد أنها ستصبح يوماً ما قادرة على إنتاج ما يكفي من الكهرباء لتوفير حاجتها من الطاقة كاملة.

مثل هذه المبادرات هي الطريقة الوحيدة حاليا،ً التي يمكن أن نأمل من خلالها بإيقاف الضرر الناجم عن الاعتماد على الكربون، الذي نتسبب به لبيئتنا وربما عكس آثاره.

هدفٌ ممكن

تهدف إسبانيا أن تصبح الرائدة عالمياً في مجال الطاقة المستدامة، عن طريق الحصول على مئة في المئة من الطاقة التي تحتاجها من المصادر المتجددة، وهو ما يُعد هدفاً ممكن التحقيق وفق ما يقوله ميغيل إيزبيلاتا، مدير شركة أكسيونا، المنظمة الإسبانية التي تراقب 9500 من توربينات الرياح في أنحاء العالم جميعها.

وتنتج إسبانيا حالياً من طاقة الرياح ما يكفي لتزويد الملايين من المنازل بالكهرباء يومياً. ففي تشرين الثاني 2016، استطاعت إنتاج الكهرباء الكافية لتوفير 70 في المئة من الطاقة التي تحتاجها البلاد ليلاً. وكانت قد حققت إنجازاً كبيراً في النهار في كانون الثاني 2015، عندما أنتجت 54 في المئة من كهرباء البلاد عن طريق توربينات الرياح.

يقول إيزبيلاتا: «إنه أمرٌ مدهش، فقبل بضع سنوات كان الناس يقولون إننا مجانين، لأننا نقول هذه الأشياء، كان مجرد حلم، لكنه أصبح حقيقةً اليوم». لكنه غير مستعدٍ حتى الآن للاكتفاء بما تحقق، فيضيف: «أعتقد أن الناس سيقولون إننا مجانين، لكنني متأكدٌ تماماً، أننا سنصل إلى نسبة مئة في المئة في وقتٍ ما».

 

جهود عالمية

إن التقدم الذي حققته إسبانيا وغيرها من دول العالم يُعد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لحل مشكلة الطاقة التي نعاني منها. إذ يعتقد الخبراء أننا ربما لن نتمكن مجدداً من خفض غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجو إلى أقل من 400 جزء في المليون، لكن لا تزال الفرصة متاحة لوقف الضرر الذي سببناه لبيئتنا أو حتى عكس آثاره.

يدخل اتفاق باريس بشأن المناخ حيز التنفيذ في تشرين الثاني، وستعقد الدول المئتان التي وقعته اجتماعاً في نهاية الشهر لمناقشة مستقبله، في مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للمناخ COP22. ولن يكون وضع الخطة الواردة في الاتفاق موضع التنفيذ أمراً سهلاً، وسيتطلب بذل جهودٍ عالمية.