وجدتها: الإنسان هذا الكائن «الشرير»

تتعامل بعض الفلسفات البيئية مع وجود الإنسان في الطبيعة على أنه الكائن «الشرير» منطلقة في ذلك من الأفعال المدمرة للطبيعة التي مورست بحق البيئة على مدى مئات السنين الأخيرة من حياة البشرية.

ارتبط تشكيل المناظر الطبيعية في البحر المتوسط بوجود الإنسان إذ تعد الأجزاء الشرقية من حوض المتوسط الموطن الرئيس لنشوء التجمعات البشرية، وأصبح استقرار النظام البيئي في مناطق المتوسط جميعاً مرتبطاً ارتباطاً عضوياً بالوجود البشري، حيث ساهمت المجتمعات البشرية في تصميمٍ لا نهائي وإعادة تصميمٍ للمجتمعات والنظم البيئية والمناظر الطبيعية على المقاييس المكانية كلها.

وأصبحت الممارسات البشرية المتعلقة بالرعي (الناظم لنمو الأشجار والشجيرات) والاحتطاب والتفحيم والانتجاع (حركة الرعي صعوداً باتجاه المراعي الأكثر اخضراراً في المناطق العليا-البداوة شبه المستقرة، النباتية البرية) وتدجين الحيوانات، جزءاً مكوناً من النظام البيئي الطبيعي لحوض المتوسط حيث يعتبر الإنسان مكوناً رئيسياً في الشبكة الغذائية.
إن الاستخدام الجائر للطبيعة المرتبط بنمط الإنتاج الذي يجعل الربح غايته (وليس تلبية الحاجات البشرية الحقيقية فحسب) لا يأخذ بعين الاعتبار التوازن البيئي كله، الذي حافظ عليه الإنسان لفترات طويلة.
تجري الآن تغيرات بيئية سريعة سوف يكون لها آثار عميقة على الأنواع والمجتمعات، سواء في النظم البيئية البحرية أو البرية.
إن هذا النظام الذي بُني خلال مئات آلاف السنين تم تدميره خلال بضعة مئات السنوات، ونعتقد بأن استعادة هذا النظام الكلية تبدو صعبة المنال، ناهيك عن صعوبة الاستعادة الجزئية فهي بحاجة إلى جهود جبارة تعي العناصر الأساسية لهذا الدمار، وتغير نمط الإنتاج من نمط معادٍ لبيئة الإنسان (أي من نمط يجعل الإنسان عدواً للطبيعة) إلى نمط يعيد الأمور لنصابها لكن بدرجة أعلى من التطور، يفرضها تطور الوعي البشري الذي وصلنا اليوم.